بعض الأخبار حين أقرأها أهب للتفكير في أبعاد كثيرة ربما أولها محور تلك الأخبار وما يرتبط به من أسبابها، ودوافعها، وأهدافها ومن ثم الأسلوب الذي يتبعه صانعوها في كل ما يرتبط بأحداثها... بعضها طريف يأخذ لابتسامة عابرة، وأكثرها مثير للشفقة لإنسان يعيش في زمن توافر الفرص وأسباب السعادة والحياة الفاضلة غير أنه أيضا في صراعاتها المتشابكة، لا يكاد ينجو من العجاج في أقلها ومن الانجراف مع مدها وجزرها في أغلبها...
بين كل ما يحدث وينشر ونقرأ هناك أخبار تشدك لأن تتفكر..فعلى الرغم من أن هناك حملة جديدة فاجأتني بها في صندوق رسائلي شركة الاتصالات محورها التبرعات للجمعيات الخيرية وهي التي تقوم بأعمالها التبرعية من جهود ذاتية ومالية وزمنية بعناصرها البشرية الذين وظفوا حياتهم من أجل مكافحة الفقر والحاجة والمرض والبطالة والتشرد والعوز في المجتمع..، إلا أنها لا تزال تستخدم في دعاياتها وحملاتها الأساليب الاعتيادية مع أن هناك ما انتشر في مجتمعنا من تقاليد مستوردة تشمل حتى طريقة الأكل أو بيع الأفكار أو تجديد أساليب الدعاية والكسب المتواتر، ليس في دائرة الأعمال التطوعية فقط بل في حياة الأفراد عامة بما فيهم صغار المستثمرين وحديثي التوجه للعمل التجاري الربحي ونحوهم ممن ينجرفون بقوة من أجل مواجهة غلاء المعيشة لسد الحاجة في ضرورات المعاش، أو لزيادة الترف لبسط الحياة ورفع جدار الغنى والاستزادة، مع كل هذا إلا أنهم لم يفعلوا بعد ما يفعله المشاهير في العالم لاستقطاب أصحاب رؤوس الأموال من أجل أن تدر جيوبهم في جانبين: جانب الكسب، وجانب التطوع في آن.. وآخر مثال ما فعله «بيل كلينتون» الرئيس الأمريكي السابق من أجل ربحية مؤسسته الخيرية، إذ قدم عرضا مغريا للمساهمين في المزاد الفائزين وهو تناول العشاء معه، وليحقق ربحية عالية في دخل المزاد ومن ثم في المكسب الربحي من تبرعاته جاء تصريحه فيما نشرته الجزيرة صباح أمس الخميس من خبر عن المزاد بقولها: (أطلق الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مزاداً علنياً يعرض فيه على الفائز و3 من أصدقائه عشاء خاصاً معه، على أن يعود ريع المزاد لدعم أعمال «مؤسسة كلينتون» في محاربة الفقر بأميركا والعالم، ومكافحة بدانة الأطفال وتأمين أدوية للإيدز بأسعار مقبولة). وواصلت الجزيرة: (ونقل موقع «بيبول» «أنا أتوق لأطلع الفائز في المزاد على بعض معروضاتي المفضّلة وأستمتع بالعشاء معه في مكان مطل على نهر أركنساس»)...
تأملت الخبر والتصريح..، وذهبت أتخيل مشاهيرنا لو أنهم قدموا عرضا مثل هذا.. أتكون حملة شركة الاتصالات للجمعيات الخيرية أكثر دخلا لأعمالها.. في مكافحة الفقر والمرض، ومعها بقية الحملات الأخرى من أجل الإنسان سواء هو من ذوي الحالات الخاصة، أو هو ضمن من يحتاجون لمكافحة بطالتهم أوحتى لمواجهة حالات الطوارئ المرضية للذين يجدون أنفسهم أمام حالات حادة تضطرهم للعلاج السريع فلا يملكون قدرة لا على انتظار توفير المبلغ المالي المقابل في المصحات الخاصة، ولا على الانتظار المهلك لمواعيد العلاج في بقية المتاحات..,
هل يفعل المشاهير بدعوة عشاء يضمنون بها دخلاً مغرياً يرفع من سقف المال في مقابل عوز الإنسان؟...
فإن لم يفعلوا هم، أتفعله المؤسسات والجمعيات الخيرية والمراكز التأهيلية..
لكن يبقى السؤال أي مشاهير سوف يتوافد من أجلها أصحاب رؤوس الأموال في مزاداتها...؟
ربما مطرب شهير أو راوية ظهرت على حين غفلة أو....أو...