ربما يجد المتتبع لنتائج الألعاب السعودية في آسياد الصين حقيقة واضحة للعيان اختصرتها ووضعتها كعنوان رئيس لمقالي هذا أنطلق من خلاله إلى تفاصيل ربما أجدها ويجدها غيري منطقية إلى حد ما، فمنذ زمن طويل والسعودية تشارك في الدورات الأولمبية الآسيوية لكن النتائج ومع الأسف دائماً بعيدة عن الطموح والمأمول، خصوصاً ونحن في المملكة العربية السعودية التي يعتبرها الكثيرون في الخليج وآسيا بمثابة القارة لم نستطع تحقيق إنجازات تتواكب مع كل الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة لدينا. إذن هناك خلل ما يقف عائقا أمام كل تلك المعطيات المتوفرة. في تصوري الأمر لا يتجاوز خططا مدروسة توضع بعناية فائقة لتحقيق أهداف قريبة المدى وبعيدة المدى، هذان الاتجاهان هما فقط ما ستعيدنا للواجهة الآسيوية، بالتعامل مع هذين الاتجاهين بنفس المستوى من الأهمية والكفاءة سيغير من واقعنا الرياضي في المستقبل، ومن المهم ألا تنسينا النتائج الوقتية مهما بلغ حجمها ما وضعناه للمستقبل، وهذا الأمر لن يحدث إلا بالتخطيط ووضع البرامج المناسبة لكل مرحلة، والاستعانة بالخبرات الرياضية المتوفرة لدى الدول المتقدمة رياضياً خصوصاً الدول المميزة على مستوى الألعاب الأولمبية.
التخطيط أمر ضروري ومهم والدراسات الجيدة ووضع الاستراتيجيات ورؤية الأهداف كلها عوامل تسهم بشكل مباشر في نجاح أي عمل مبني على خطط واضحة في الحياة.
أول خطوة للعمل المنظم (التخطيط) وهذا الأمر يحتاج إلى كوادر تجيد التعامل مع المستقبل وتسخير كل الإمكانات المادية والبشرية من أجل صنع المنجز سواء كان هذا المنجز يستغرق تحقيقه فترة زمنية قصيرة أو طويلة، الفكر الإداري الجيد هو من يستطيع توظيف كل المعطيات المتوفرة لأي بلد بالعالم بالشكل السليم مع دعمه ببعض المقترحات. فما يحدث في أنديتنا أمر يندى له الجبين وكأن الأندية وضعت للعبة واحدة فقط وهي كرة القدم.
** تقوم جريدة الجزيرة سنوياً مشكورة بوضع إحصائية للأندية المسجلة في رعاية الشباب والبالغ عددها (153) ناديا توضح فيها بالأرقام حال الألعاب المختلفة في الأندية السعودية. وبنظرة بسيطة لإحصائيات الجزيرة نلاحظ الاهتمام في الأندية ينصب كاملاً على الألعاب الجماعية، أما الفردية فلا تحظى بأي اهتمام، وهنا يتضح بشكل مباشر سبب ضعف النتائج في الأولمبياد الآسيوية. ولعل الجانب الاقتصادي للأندية يشكل هاجساً كبيراً لدى القائمين على رعاية الشباب فالأندية مهما بلغ حجمها ودرجة تصنيفها تحتاج مبالغ مالية ليست بيسيرة تستطيع من خلالها تنفيذ برامجها وأنشطتها الرياضية المختلفة، لهذا من المفترض العودة لفكرة تقليص عدد الأندية وهو قرار يحتاج إلى إعادة نظر، فإن حدث وتم تقليص العدد فسيكون مردوده الاقتصادي إيجابياً إلى حد ما على الأندية السعودية.
كل الأندية الـ 153 ناديا تقع مسؤوليتها المباشرة على رعاية الشباب، ومن هنا تحديداً كان يجب أن تكون البداية، فلماذا لا تقوم رعاية الشباب بوضع دراسة شاملة ووافية لكل الأندية؟! وتلمس عن قرب كل احتياجاتها والعمل على توفير كل متطلباتها المادية التي تجعل كل ناد متوفر فيه جل الألعاب المختلفة، بعدها سيسُهل متابعة النتائج.
البحث عن المواهب واكتشافها وصقلها تحتاج مجهودا وعملا وفكرا وخططا وبرامج ومالا.. كلها أشياء مهمة لن تتحقق النتائج الإيجابية بدونها، فبالتنافس ووضع المسابقات وتنظيمها ستظهر المواهب أمام كل الاتحادات في كل الألعاب الفردية والجماعية وسيسهل على كل اتحاد وضع خططه لتقديم عمل مميز يتحقق من خلالها إنجازات لهذا الوطن.
لدينا بنية تحتية رياضية ممتازة متمثلة في المدن الرياضية والاستادات والصالات الرياضية وبيوت الشباب والأندية وجميعها صالحة للتدريب وتقام عليها المنافسات الرياضية أشياء كثيرة متوفرة وعلى أعلى مستوى لكنها لا تنتج من المواهب بقدر كل تلك المصروفات التي تُصرف عليها.. إذن اهتمام المسؤولين في هذا الجانب واضح وملموس لكنهم تركوا الأهم وهو الموهبة الرياضية التي من أجلها أنشئت هذه المنشآت.
في الصين واليابان وكوريا تطور واضح وملموس خلال العقدين الماضيين على مستوى النتائج وتحقيق الميداليات الذهبية في مختلف الألعاب، بل تصدروا جدول الترتيب في الكثير من المشاركات السؤال هنا كيف تغير حال الصين وكوريا واليابان حتى بعض الدول العربية وأخص الخليجية منها تحديداً. بينما حال رياضتنا يتراجع بشكل مخيف؟ السؤال مهم وقبل البحث عن إجابة له يجب أن نقتنع ونؤمن بأن هناك تراجعا من أجل أن نستطيع أن نوجد الحل المناسب له.
بمجرد عمل تقييم للعمل المقدم في المرحلة الماضية من قبل الأندية والاتحادات ستظهر نقاط الخلل وأسباب التراجع الواضح في رياضتنا ومن خلال هذا التقييم، ستبدأ الانطلاقة الحقيقية لعودة الإنجازات للرياضة بالمملكة العربية السعودية وفق خطط وبرامج واستراتيجيات واضحة، ولعلي هنا أشيد بما ذكره الأمير نواف بن فيصل نائب الرئيس العام لرعاية الشباب في تصريح له من الصين بأن ما حدث من إخفاق لبعض الاتحادات المشاركة سيكون محل دراسة وتقييم وستكون هناك قرارات تعالج ما حدث في الصين ومحاسبة للمقصرين.
الرجل الثاني في الرياضة السعودية يعترف بوجود تقصير ومقصرين وهذا أمر يبعث في النفس اطمئناناً وبأن عجلة التغيير قادمة لا محال.
خاتمة
(اللهم أعد ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن سالماً ومعافىً إنك سميع مجيب الدعاء).
Zaidi161@hotmail.com