التعدي على موظف حكومي أثناء تأدية عمله يعد مخالفة تستوجب العقوبة، ليس من منطلق أن الموظف معظم ومقدس بل من منطلق كونه إنساناً له كرامته وحقوقه التي يلزم المحافظة عليها.
لهذا التعدي على موظفي هيئة الأمر بالمعروف لابد أن يرفضه المجتمع بكل اتجاهاته وأطيافه؛ لأن فيه إهانة ومساساً بحق وكرامة الفرد واتباع منطق العنف في التعبير عن الاحتجاج، وهذا لا شك يمثل إرهابا للناس وتخويفا وإخلالاً للأمن لا يقبله كل سوي.
لذا دعونا نسجل صوت تضامن مع أفراد الهيئة ضد التطاول والعنف الذي قد يتعرضون له أثناء تأدية عملهم.
كما أننا لابد أن نتضامن بنفس القوة مع الأفراد الذين يتعرضون للأذى من بعض موظفي الهيئة الذين يستغلون وظيفتهم للتعدي على خصوصيات الناس وتتبعهم وملاحقتهم؛ بسبب اختلافات نسبية في التطبيقات الدينية للحجاب وغيره، لكن حجاب المرأة هو الأغلب في التشاكل والتراشق؟؟
الأجانب في السعودية يتم التعامل معهم بقبول اختلافهم وهذا جيد، لكن لماذا لا يقبل عضو الهيئة اختلاف السعوديين؟ هل لا بد أن يكون السعوديون نسخة واحدة ومكررة في كل مناطق المملكة؟
السؤال الأهم اليوم نحن بحاجة ماسة إلى ترتيب وتنظيم علاقة هذه المؤسسة الحكومية مع كل شرائح المجتمع. ولا مناص من لوائح وتنظيمات مكتوبة بحيث يعرف المواطن ما هو الشيء الذي إذا قام به أصبح عرضة لملاحقة الهيئة، ومساءلتها، يدرك كل عاقل أن ترك النصوص مفتوحة وخاضعة لتقدير الموظف يحدث التباسا شائكا وثغرات يتسلل منها الضعفاء في كلا الجانبين.
أتمنى لو أن مدونة الأخلاقيات في الأماكن العامة تطرح وتناقش وأرشح أن يتبنى ذلك مركز الحوار الوطني بالتعاون مع الهيئة ووزارة الداخلية، الهيئة لا تستطيع أن تنكر أنها تقوم بدور شرطة آداب وهذا الدور المهم لا تستغني عنه كل المجتمعات، لكن دورها النصائحي والتوجسي يحتاج إلى مدونة تضبطه.
كما أن عمل الهيئة يحتاج إلى ضبط وتخلص من المتطوعين أو المتحمسين من موظفي الهيئة الذين يتحدثون مع الناس دون أن يكون في معيتهم رجال أمن يتولون حمايتهم فيما لو حدث تعدٍّ عليهم.
كما أن الحرص المبالغ فيه على سمعة الهيئة جعل كثيرين من مسؤولي الهيئة يبررون أخطاء واضحة ارتكبها منسوبوهم بهدف حماية السمعة، مع أن هذا يوسع من دائرة الأخطاء ولا يحجمها ويزعزع الثقة أكثر. أعتقد أن الشفافية هي التي تكسب في النهاية، ولابد من حوار ينتهي إلى مدونة مكتوبة تتضمن آداب وذوق الأماكن العامة وأخلاقيات المجتمع العامة المتفق عليها في كل أنحاء البلاد، بل إنني أتوقع لهذه المدونة أن تكون مرجعا لمعرفة نظام المجتمع السعودي وما يتمتع به من تنوع ورقي، لابد أن نعول كثيرا على وعي المجتمع ونثق به، فالوعي الاجتماعي اليوم صار أكثر نضجا ولا يحتاج إلى وصاية من أي اتجاه أو جهة.