صورة محزنة وإن خفف تدخل أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن بندر من حجم المأساة لأسرة الفتاة التي تعرضت هي وشقيقتها إلى هجوم الذئب المسعور بمركز عقلة الصقور غرب القصيم - تدخل - الأمير فيصل يعتبر حاله إسعافية ومعالجة وضع أسرة عقلة الصقور ولكن بالتأكيد فإن أمير القصيم وحده لا يستطيع معالجة أوضاع الفقر في القصيم ولا في المملكة. لا يستطيع معالجة أولاً: التوطين.
وثانياً: الإسكان في القصيم وفي باقي مدن المملكة؛ لأن هذه ليست من مسؤولية إمارة منطقة القصيم لوحدها بل هي مسؤولية جماعية.. المحزن جداً أننا عدنا في هذه الحادثة إلى المربع الأول أو نقطة الصفر التي انطلق منها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ثم الملك فيصل - يرحمه الله - وأتمها الملك عبدالله بتوطين قطاعات الحرس الوطني.. ومحزن أيضاً أننا اعتقدنا أننا تجاوزنا مشكلة السكن لا مشكلة تملك المسكن والتي بدأها الملك خالد والملك فهد - يرحمهما الله - في الطفرة الاقتصادية الأولى والملك عبدالله - عافه الله - وأعاده لنا سالماً ومعافى في الطفرة الاقتصادية الثانية.
ليست هي مشكلة مواطن يسكن خيمة تلعب فيها الأرياح والعواصف والأمطار بل هي مشكلة تخطيط ومجتمع مدني وجمعيات خيرية وأهل الخير.. تحت أي ظرف لا يمكن قبول أي مبرر من الجهات الرسمية وقطاع أهل الخير والتطوع والمجتمع المدني أن ينام أحدنا في مسكنه: شقة، فيلا، عمارة، مجمع، قصر ينعم بالابتراد صيفاً ويحتمي به من لفيح القيض وأيضاً ينعم بدفء المساكن شتاءً من لسعات برد المربعانية وشباط والعقارب في حين تبقى أسر وعائلات في عراء وهبايب هضاب نجد وحرات المدينة وشتاء عسير وجبال جازان ونفود الشمال.. العودة للخيام والبادية المضطرة لا بادية الرفاهية أو الهواة و(المشتهاه) بادية مضطرة تحت ضغط الحاجة والفقر في غياب مؤسسات المجتمع المدني وغياب الجهات الحكومية رغم أن تلك الشريحة غير مخفية أو مجهولة بل معروفة لدى مؤسسة رسمية هي مصلحة الإحصاءات العامة وبالتالي معروفة ومدونة في سجلات وزارة التخطيط تحت تصنيف بادية مقيمة ورحل، أقول العودة للخيام تعد خللاً في عمل وزارة التخطيط ووزارة الشؤون الاجتماعية وخللاً في عمل المجتمع المدني والجمعيات الخيرية.
قد تكون هذه البادية اختارت لنفسها وبرغبتها هذا النمط من العيش ولكن لا يعني أن لا تصل إليهم المؤسسات وأعمال الخير وتحسن من نمط معيشتها بالتعليم والمساكن شبه الثابتة والمتنقلة بدلاً من الخيام أو غرف الصفيح.. كما أن الأحوال المدنية وثقت أسماءهم وبياناتهم ويمكن رصدها في سجلات وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة البلديات لتكون جزءًا من التخطيط وفي نطاق عمل قطاع الخدمات.. أسرة تتعرض لذئب مسعور في خيمة العراء يجب أن تكون بداية للمعالجة الجادة لتحسين أوضاع المواطنين (المسكوت عنهم) والحالات المنسية في تجاويف الهضاب وفي (لغف) الرمال ونهايات الأودية.