رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية يظلُّون محاطين بالاحترام والتقدير حتى بعدَ أن يغادروا البيت الأبيض، فالرئيس الأمريكي السابق تُوفر له الحماية الأمنية والأدبية، ويُقابل بما يستحق من احترام وتبجيل، لأنَّه كان في يوم من الأيام رمزاً لأمريكا، ويزيد من رصيد الاحترام ومساحات التقدير ما يقوم به الرئيس المنتهية ولايته من أعمال خيرية وإسهامات لخدمة الإنسانية، فمنهم من يعمل في صفوف الجمعيات الخيرية الدولية، وبعضهم في مجال تحسين البيئة، وآخرون لصنع السلام والديمقراطية.
الرئيس جيمي كارتر واحد من الرؤساء الأمريكيين القلة الذين لم يلحق بتاريخهم السياسي وخاصة أثناء رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية، فالرجل سعى وبإخلاص لتحقيق تسوية سِلْمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أن فترة حُكمه لم تشهد حروباً ولا استعداءً، وبعدَ انتهاء ولايته كوَّنَ مركزاً للمساعدة في تسوية النزاعات الإقليمية، وشكَّلَ فرقاً لمراقبة الانتخابات في مختلف المناطق والدول في العالم، ونَشِطَ لتحقيق السلام العالمي. ولأنَّ الرجلَ نزيهٌ ونواياه مخلصة ولا يخدم توجهات أيدلوجية معينة، ورغم أنه متدين مسيحي، إلا أنَّه وَضَعَ نصب عينيه خدمة البشرية والإنسانية جمعاء.
هذا الرئيس الإنسان يَتَعرَّضُ الآن لحملة ظالمة تجاوز من يقومون بها كلَّ ما يجب عدم تجاوزه بالنسبة للرؤساء السابقين. فالرئيس كارتر الذي نشرَ كتاباً جديداً عن الأيام التي قضاها رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية «مذكرات البيت الأبيض»، ولأنَّ كارتر كان أميناً وصادقاً في نقل كل ما عاناه ومع تلقاه من المتداخلين في عملية السلام التي كان يعمل على إنجازها بين العرب والإسرائيليين، هذه الأمانة والصدق اللذان كشفا حقيقة الإسرائيليين وكيف يناورون لإجهاض السلام وعدم تعاونهم، جعلا أنصار إسرائيل داخل المؤسسات الرسمية الأمريكية في حرج أغضب اللوبي الإسرائيلي إلى حد وصف الرئيس كارتر الذي يوصف بأنه أنظف رئيس أمريكي.. بأنه خائن..!!