تابع أبناء هذا الوطن وبالأخص القاطنين منهم في منطقة الرياض الحالة الصحية لأميرهم المحبوب، وما أن علم الجميع عن نجاح العملية الجراحية لسموه حتى تباشروا وهنأ بعضهم البعض، وها هي فرحتهم تكتمل برؤيته وقد عاد بمنة من الله وفضل وهو يرفل بأثواب الصحة والعافية، ويحمدون ربهم سبحانه وتعالى ويشكرونه على سلامة رجل دولة تميز بالحكمة والدراية ونفاذ البصيرة واحتل مكانة مرموقة عربياً وإسلامياً ودولياً، أفنى حوالي ستين عاما من عمره في خدمة الرياض وأبنائها، ولم تشغله ظروف العمل وأمور السياسة وشؤون الدولة عن هموم الناس، التحم بهم يشاركهم أفراحهم وأتراحهم، فما تكون هناك مناسبة سعيدة إلا وتجده على رأس المهنئين، وما تقع مصيبة أو كارثة - لا قدر الله - لأحد إلا ويقوم بواجب الزيارة والمواساة، ولا تأتي مناسبة اجتماعية إلا وهو رائدها، ولا يذكر أنه اتصل به مواطن في شأن خاص أو عام إلا رد على طلبه واستمع إليه، رجل أحب الوطن وأحبه الوطن، أعطى جل وقته لعمله، يحرص على التطوير في كل المجالات يتابع أوضاع العاصمة المترامية الأطراف بنفسه، فلا توضع خطط أو تنفذ مشاريع في منطقة الرياض إلا وتجد عليها لمساته وبصماته.
انتقلت الرياض في عهده - حفظه الله- من مدينة محدودة الإمكانيات والقدرات في عام 1375هـ لا يتجاوز عدد سكانها (106) آلاف نسمة، ذات شوارع ترابية ضيقة مسالك وعرة، وخدمات صحية وتعليمية لا تكاد تذكر إلى عاصمة عصرية تضاهي عواصم الدول المتقدمة، تجاوز عدد سكانها (5) ملايين نسمة، تحتضن مالا يقل عن (9) مستشفيات حكومية علاوة على مراكز الرعاية الصحية، وحوالي (3500) مدرسة بنين وبنات لمختلف المراحل، عدا مراكز ومعاهد التدريب الفني والمهني و(25) بلدية فرعية، ولا غرابة أن تصل الرياض إلى هذا المستوى من حسن التخطيط والتنظيم وروعة التصميم في المشاريع والبنيان وهي تعيش في عيونه وأنفاسه منذ أن تولى زمام الأمور فيها، حيث أدرك سموه أهمية التخطيط الإستراتيجي منذ البدايات فعمل على المخطط الإرشادي لمدينة الرياض عام 1393هـ حددت فيه استثمارات الأراضي وكذلك شبكة المرافق حتى شمل المخطط منطقة مساحتها (304) كيلومترات، في وقت يعتقد فيه المخطط المتخصص أن أقل من نصف هذه المساحة كاف لنمو المدينة، صاحب ذلك حرصه - حفظه الله - على المتابعة الدقيقة لأداء الأجهزة الحكومية في المنطقة من خلال برنامج يومي مميز ودقيق، فإذا ما تعمقنا في برنامج الأمير سلمان اليومي، يستطيع أي شخص كان معرفة بداية الدوام الرسمي ونهايته في هذه البلاد من خلال حضور سموه لمكتبه في الإمارة ومغادرته له، دقة متناهية في المواعيد، يحسن ببراعة فائقة تنظيم الوقت وإدارة العمل، بحيث يعطي المراجع حقه والقضية ما تستحقه من دراسة، وبنهاية الدوام تكون طاولة سموه خالية من أي معاملات أو قضايا عالقة، يلجأ سموه في أغلب الأحيان إلى الاتصالات الهاتفية المباشرة لإنجاز القضايا كسباً للوقت، وتقليصا للعمل الورقي، وبالتالي تحقيق النتيجة المرجوة بأفضل الطرق واسرعها، إداري متميز محليا وعربيا، يملك مميزات القائد الفذ والإداري الناجح من عمق التفكير ووضوح الرؤية، يؤمن بالعمل الجماعي والاتصال المباشر وكسر الروتين والبعد عن التعقيدات الإدارية وتحديد الهدف وآلية التنفيذ، يعتبر مدرسة في الإدارة والتخطيط حتى حرص القائمون على هذا المجال الاستفادة من خبرته وكفاءته من خلال رئاسته لمجالس مؤسسات علمية وخيرية واجتماعية تجاوز عددها عشرين جمعية ومؤسسة ولعل آخرها قيام المنظمة العربية للتنمية الإدارية في جامعة الدول العربية بتأسيس جائزة باسمه (جائزة الأمير سلمان للإدارة المحلية) على مستوى الوطن العربي والتي أسست عرفانا ووفاء وتكريما لأحد رواد الإدارة المحلية في الوطن العربي، وفي الوقت ذاته له سجل حافل بالعمل الإنساني على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية حيث تولى - حفظه الله - في حياته الكثير من المهام الإغاثية تجاوز عددها ست عشرة مهمة أبرزها لجنة التبرع لمنكوبي السويس، والجزائر عام ومجاهدي فلسطين عام، ولجنة تقديم العون والإيواء والمساعدة للكويتيين على إثر الغزو العراقي، وهذه الأعمال الخيرة والنشاط العملي والفكري المتميز أهله حفظه الله للحصول على أكثر من اثني عشر وساماً وجائزة أبرزها وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، ووسام من فرنسا بمناسبة مرور 3000 عام على إنشاء باريس ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب عام 1989م، فهنيئاً بسلامتك وعودتك سالماً لأرض الوطن يا سلمان الخير.
* مدير برنامج التشغيل الذاتي لمستشفى الملك خالد ومركز الأمير سلطان للخدمات الصحية بالخرج