صدر كتاب «جماليات الرسوم الصخرية في المملكة العربية السعودية»، من تأليف نداء بنت عبد الرحمن بن عبد العزيز، الجلال ضمن مطبوعات الهيئة العامة للسياحة والآثار قطاع الآثار، وذلك ضمن سلسلة دراسات أثرية محكمة، في عام 1431هـ 2010م. ويعالج هذا الكتاب واحداً من الموضوعات الأثرية المهمة، والذي ما زال في حاجة لمزيد من الدراسات المتخصصة. ويتكون هذا الكتاب من مقدمة وخمسة فصول جاءت على النحو التالي:
الفصل الأول وعنوانه «الأبعاد التاريخية للفن والرسوم الصخرية في المملكة - نشأة ومواقع المفردات التشكيلية بأبعادها الجمالية». ويتضمن هذا الفصل ثلاثة مباحث، يتناول المبحث الأول تمهيداً عن مفهوم الفن البدائي على اعتبار أن الرسوم الصخرية أحد فروع هذا الفن. فالفن البدائي والذي يعني الفن المبكر أو فن الشعوب والجماعات البدائية لا يشير إلى مضمون تاريخي بقدر ما يشير إلى مضمون نوعي. كما تضمن هذا الجزء آراء المتخصصين حول تحديد الغرض من الفن البدائي. ويتضمن هذا الفصل أيضاً فنون العصور الحجرية بداية من العصر الحجري القديم الأعلى، وهي الفترة الزمنية التي أبدع فيها الإنسان فنونه البدائية الأولى. وقامت الباحثة بدراسة وتحليل القيم الفنية والجمالية لبعض رسومات وصور كهف لاسكو في فرنسا. ويلي ذلك الحديث عن فنون العصر الحجري الوسيط، والتي تميزت بتعدد وتنوع موضوعاتها، والتأكيد على عنصر الحركة في العمل الفني مما أضفى عليه حيوية وجمالاً، على الرغم من أنها كانت أقل إتقاناً من مثيلاتها في العصر السابق. وتميزت الفنون في العصر الحجري الحديث ببداية ظهور الطابع المحلي لكل منطقة.
ويتناول المبحث الثاني من الفصل الأول تسلسل الحضارات الإنسانية في أراضي المملكة العربية السعودية خلال العصر الحجري القديم والوسيط. ويلي ذلك الحديث عن العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي والعصر الحديدي. وقد وُجدت آثار وأدوات هذه المراحل الحضارية في مناطق متفرقة من أراضي المملكة.
ويتناول المبحث الثالث من الفصل الأول مختارات من المواقع الأثرية للرسوم الصخرية في المملكة العربية السعودية. ويتضمن هذا المبحث المواقع المؤرخة بعصور ما قبل التاريخ وفجره، والتي شملت جبل مصيقرة والذي يقع على بعد 135كم من الرياض، وقد قامت المؤلفة بزيارته ميدانياً لتصوير ودراسة رسومه الصخرية على أرض الواقع مما أثرى هذا العمل. ويلي ذلك الحديث عن الرسوم الصخرية في بعض مناطق المملكة بداية من المنطقة الشمالية، وتم تحليل العديد من رسومها سواء كانت آدمية أو حيوانية. ثم اختارت الباحثة بعض المواقع من منطقة الوسط الشمالي للمملكة والتي شملت القصيم وحائل والحناكية والنقرة ومهد الذهب، والتي تميزت رسومها الصخرية بحجمها الطبيعي، وتنوع أساليب تنفيذها. وقد اتضح أن منطقة حائل من أغنى مناطق المملكة بالرسوم الصخرية نظراً لطبيعتها الجيولوجية الصخرية. كما تناول هذا المبحث بعض مواقع الرسوم في منطقة المدينة المنورة ومنطقة عسير.
واتضح من خلال دراسة الرسوم الصخرية المؤرخة بعصور ما قبل التاريخ أهمية الخط. وعلى الرغم من تمثيل الأشكال الآدمية والحيوانية تمثيلاً كاملاً، إلا أن الوجوه عادةً ما تكون بدون تفاصيل للملامح. كما استخدم الفنان التقابل والتوازن أو التماثل لتنظيم عناصر الموضوع ومفرداته لصياغة الحدث الذي يصوره. كما ظهرت مقدرة الإنسان على اختيار المنظور والوضع الأمثل لإظهار جماليات الشكل. فغالباً ما يحرر الشكل وفقاً لصورته الذهنية، وليس وفقاً لما يراه.
وتعرض هذا المبحث أيضاً لفنون الممالك العربية قبل الإسلام، والتي شملت فنون قرية الفاو، والتي دلت على وجود دور كبير للفن والفنانين في هذا المجتمع، حيث تطور الفن فيها من الرسوم الصخرية على سفوح الجبال إلى الرسم على الملاط. وتميزت فنون تيماء بظهور عناصر وأشكال فنية متأثرة بالحضارات الكبرى في منطقة الشرق الأدنى القديم ولا سيما حضارتي مصر القديمة ووادي الرافدين.
وجاء الفصل الثاني بعنوان «تحليل النتائج» واشتمل على ثلاثة مباحث، تضمن المبحث الأول المفردات التشكيلية وتقنيات ومراحل الرسوم الصخرية بأبعادها الاجتماعية. وقد اشتملت تلك المفردات على الموضوعات الآتية:
أولاً- الأشكال الآدمية والتي شاع تصويرها في مناظر الصيد والرقص وممارسة الشعائر. وأخذت تلك الأشكال أوضاعاً متنوعة حسب طبيعة الموضوع. وميز الفنان بين الرجل والمرأة برسم دائرتين في الصدر وتضخيم الأرداف. ويُلاحظ غياب صور الأطفال في الرسوم الصخرية.
ثانياً- الأشكال الحيوانية والتي أبدع الفنان في تصويرها ربما لأهميتها كمصدر لغذاء الإنسان وكوسيلة لتنقلاته وحله وترحاله. فصور الخيول والجمال والغنم والغزلان والنمور والكلاب والقطط وغيرها.
ثالثاً- الأشكال النباتية والتي تميزت بتعددها وتنوعها في الرسوم الصخرية. وتمثلت في صور الأشجار ولا سيما النخيل وأوراق الشجر وأغصان النباتات.
رابعاً- أشكال الأيدي والتي كانت من المفردات الأساسية في الرسوم الصخرية. وهي عبارة عن أكف بشرية مبسوطة ومفرودة الأصابع. وتتدرج الفواصل في شكل الأيدي بتنظيم إيقاعي يدل على براعة الفنان الذي رسمها.
خامساً- أشكال وعلامات الوسوم وهي من أهم موضوعات الرسوم الصخرية تنوعاً. ومن هذه الوسوم الحلقة والمطرق والزند والمغزل والهلال والدلو والشاغور والمخاطيف. وقد نشأت هذه الوسوم منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث كان لكل قبيلة وسم. وكان الوسم دليلاً على الملكية ولا سيما للحيوانات، بالإضافة إلى اعتباره دليلاً على التواصل الثقافي بين القبائل.