رعشة خفوق ووجدان.. وواحة يتفيأ القلب ظلالها بعيداً عن عنَت الحياة.. يغني فيها على مزمار من تراب الوطن، حباً ووفاءً لكل ما في هذا الوطن.. بهذه الكلمات أرفع أكفّ الضراعة للمولى عز وجل بالشفاء لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأن لايريه مكروها ونسأل الله تعالى أن يعود إلى أرض الوطن معافى..
سيدي سلطان..
مشاعر الحب الكبير التي يكنّها الناس لك، هي نتاج سجل ضخم من الشهامة المتتالية، والمواقف الإنسانية والخيرية، والأعمال الوطنية الجليلة التي تميز بها سموكم الكريم الأمير سلطان بن عبد العزيز على مدار خدمته الطويلة لأمته وشعبه ومواطنيه..
فهو في المقام الأول رجل دولة بكل ما تعنيه الكلمة، حيث تربى في مدرسة الملك المؤسس، رحمه الله، ونهل منها أدبيات السياسة التي تقوم على عمق الرؤية بعيدا عن الانفعال أو المواقف اللحظية، حيث تقلد عددا من المناصب في وقت مبكر مما أكسبه عمقا وسعة أفق في كل ما يتصل بشؤون إدارة الدولة، ثم هو في المقام الثاني ممن يتقدم ذكرهم حين الحديث في الكرم الإنساني، ذلك الكرم الذي يذهب بعيدا إلى أقصى مداه حينما يتعلق الأمر بمواطن بسيط تعثرت به سبل الحياة، أو مريض يعاني مرارة الوجع، أو معوق خذلته بعض أطراف جسده، حيث ينبري ذلك القلب الكبير ليعرب عن ذاته بمنتهى الأريحية التي لا يجيدها إلا من هو في مثل مشاعر سموه من النبل والسخاء وكرم اليد واللسان..
ثم هو فوق هذا وذاك أحد أهم أركان هذا البناء التنموي الكبير، الذي ترك فيه بصمته بوضوح عندما أخذ على عاتقه - كركن من أركان الدولة - مسؤولية العمل في تحديث وتطوير جميع القطاعات التي تقع تحت مسؤوليته المباشرة، وتحديدا القطاعات العسكرية التي شهدت كثيرا من النقلات النوعية التي أهّلتها بكل كفاءة لصيانة أمن وسيادة هذا الوطن الكبير على امتداد أطرافه.
وحينما تتكاثف البهجة بهذا الشكل الفريد بين جميع شرائح المجتمع بعودة سموه الكريم سالما معافى إلى أرض الوطن بعد رحلته العلاجية، فذلك لأنه، يحفظه الله، يشكل بحضوره الخاص في أذهان الناس بابا عملاقا من أبواب الخير التي لا يغيب، وهو الذي كان يُمارس خيرياته وإنسانياته حتى وهو خارج الوطن، كما لو أن المسافات وظروف العلاج أقل من أن تطغى على ذلك الحضور البهيّ الذي ميّز شخصية سموه، ومنحها هذا القدر الكبير من الحب، والتقدير المفعم بالثناء.
لذلك تنصهر كل هذه العواطف من الكبير والصغير، الغني والفقير، الرجال والنساء، في منظومة حب متصلة في استقبال سموه، معلنة بكثير من العفوية عن مكنونات الصدور، فهي لا تعبر إلا عمّا تشعر أنه أقل القليل من رد الجميل تجاه رجل نذر وقته وجهده وماله في خدمة وطنه وأمته، بل لا تعبّر إلا عن غيض من فيض مشاعر غامرة استطاع سموه الكريم بنبل مواقفه ومظلة شهامته الوارفة، وكرم عطائه أن يجعلها أن تكون معه طوال فترة رحلته العلاجية بالدعاء، وأن تكون معه ساعة عودته الميمونة بنبض القلوب الدافئة بعمران الحب الذي زرعه فيها سلطان الخير.
وهذه الملحمة العاطفية الفريدة التي لا يُمكن أن تتشكل اعتباطا، كما لا يُمكن أن تتأتى فقط من خلال علاقة المسؤولية بين مسؤول كبير ومواطنيه، ما لم يكن لها رفد عظيم من تمازج المشاعر ووحدة الروح..
هي ما يجسد حقيقة اللحمة بين القيادة والمواطن، والتي كانت أهمّ وشائجها وأكثرها متانة هذا الإطار الكبير من عواطف الأبوة، واستشعار هموم الآخرين، وهذا الحضور الباهر لشخصية سلطان بن عبد العزيز في كل مفاصل الأعمال الإنسانية والخيرية على كامل مساحة الوطن، وحتى ما وراء حدوده. وختاما تغمرني الفرحة بعودة سلمان الرياض إلى رياض العز والمجد، أميراً محبوباً تهفو له القلوب قبل الألسن، نحمده تعالى أن أتمّ عليه الصحة والعافية.
(*) بريدة