يقول المختصون إن الأنظمة يجب أن تطبق على الأرض، بغض النظر عن أهلية هذه الأرض لتطبيقها. ونحن نقول إن هناك ما يُسمى «تهيئة الآخرين» لفهم النظام ولكيفية الالتزام به. فمثلاً، هل بدأت البنوك نظام تسديد الفواتير عن طريق أجهزة الصراف أو عبر الإنترنت خلال يوم وليلة؟! لقد بدأتها على مراحل، إلى أن أصبح الناس لا يسددون إلا عن طريق هذه التقنية المريحة، وهي لا شك أفضل من الذهاب لشركة الكهرباء أو من الذهاب للبنك.
نظام «ساهر» نفس الشيء. إنه نظام يجعل قائديْ المركبات يقودون سياراتهم بسرعات محددة، تفادياً لارتكاب حوادث مميتة. ولكي نعمم هذا النظام بشكل فاعل ومحبب، يجب أن نبدأه على مراحل، أولها للتوعية وأوسطها لتجهيز اللوحات الإرشادية وآخرها للتطبيق الصارم، ولنأخذ الوقت اللازم لما بين المراحل، بدل أن نبدأ المرحلة الأخيرة، بالتطبيق الصارم ونتجاهل ما قبلها، لأنه بهكذا ممارسة، سنجعل الناس يكرهون النظام، ويحاولون إيجاد أية طريقة للالتفاف عليه وتجاوزه. وأكيد أن المرور لا يحبذ أن ينتهي نظام «ساهر»، مثل كثير من الأنظمة الشكلية التي تُطبق على ناس دون ناس.
إن الإدارة العامة للمرور تعرف تمام المعرفة، أننا صبرنا عليها وعلى أنظمتها السابقة وعلى سلبياتها، صبراً طويلاً، ودفعنا أثناء هذا الصبر، من أوقاتنا ومن حديد سياراتنا الشيء الكثير، فلماذا تستعجل علينا اليوم في تطبيق «ساهر»، وكأن الدنيا ستنتهي غداً؟!!