احتمالية أن يتم تحقيق سيناريو فصل جنوب السودان وتقسيم السودان إلى دولتين، جعل الكثير من الباحثين ومراكز الدراسات الإستراتيجية إلى توجيه مؤشرات البحث عندها إلى ما بعد مرحلة الانفصال.
والسؤال الذي كان الباحثون يريدون الوصول إلى إجابات واضحة من خلاله، هل سينتهي المخطط الموضوع لتفتيت السودان عند حد فصل الجنوب عن الشمال؟ أم سيستمر الوضع وتستمر (مصانع تفتيت الدول) و(خلق الفتن)؟
النتيجة المبدئية التي لا تزال بحاجة إلى بحث ومواصلة تقصي، هي أن ما يجري من تخطيط للسودان له توجهان: أولهما أن يتواصل سيناريو التفتيت والتقسيم، فبعد انفصال الجنوب يعمل على فصل دارفور، ثم يُتجه للشرق، وبعدها جبال النوبة ليُقسم (العملاق) السودان إلى دويلات قزمة تلغي أي تأثير عربي إسلامي في إفريقيا التي يراد لها أن تصبح حديقة خلفية للمشاريع الأمريكية والإسرائيلية.
أما المخطط الثاني فهو جعل جنوب السودان في حال إتمام الانفصال منطلقاً للسيطرة على السودان بأكمله وتحويله إلى مخزون داعم ودافع إستراتيجي لما يراد أن تكون عليه إفريقياً.
تحويل جنوب السودان مركزاً للعمل يبدأ باحتضان ودعم حركات التمرد والانفصال في مناطق السودان بدءاً من حركات التمرد في دارفور ومدها بالسلاح وتقديم مقرات وأماكن آمنة في الجنوب بقياداتها وحتى معسكراتها.
وطبعاً استضافة ودعم هذه الحركات سيثير حفيظة الحكم المركزي في الخرطوم مما يعجل باندلاع حرب بين الشطرين، وهو ما يتيح للجنوبيين والجماعات المتمردة ومن يدعمونهم من خبراء ودول أجنبية تحقيق مخططها بالاستيلاء على السودان بأكمله مثلما كشف المهندس عبدالله مسار رئيس حزب الأمة الوطني السوداني الذي قال أمام قيادات العمل السياسي بمدينة نيالا: (إن الحركة الشعبية ترمي لعمل عسكري يبدأ في مارس من العام المقبل). أي بعد ثلاثة أشهر من انفصال الجنوب، يبدأ من جنوب النيل الأزرق وأيبي وجبال النوبة ثم الزحف نحو الخرطوم لبناء دولة تقوم على أنقاض الحكومة الحالية وتكون متوافقة مع ما يراد لها من تعاون مع القوى التي تسعى إلى السيطرة على إفريقيا.
الغريب أن هذا الكشف عن السيناريو الثاني جاء متوافقاً مع تأكيد باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية بأن وحدة السودان ستتم بعد الانفصال!