تتابعت الأزمات والمشاكل المالية والاقتصادية في دول مجموعة اليورو (دول الاتحاد الأوروبي)، وهددت هذه الأزمات اقتصاديات دولتين يجتهد الاتحاد الأوروبي لإنقاذهما، هما اليونان وإيرلندا، وضُخّت عشرات المليارات من اليوروات لدعم اقتصاد اليونان، ومثلها أو أكثر بقليل لانتشال اقتصاد إيرلندا، وهناك تخوف من تعرض اقتصادي إسبانيا والبرتغال إلى المخاطر نفسها التي يعانيها الاقتصادان اليوناني والإيرلندي.
الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة في مجموعة دول اليورو جعلت الاقتصاديين وحتى السياسيين يراجعون مسيرة الاتحاد الأوروبي، وبدؤوا يتساءلون: هل طغت الإجراءات والعوامل العاطفية على الواقعية والإمكانية والقدرة على تكوين وحدة نقدية بحجم الوحدة النقدية الأوروبية التي ينضوي تحت لوائها وإدارتها عشرات الدول الأوروبية، منها دول تُعدُّ بحد ذاتها قلاعاً اقتصادية ونقدية قوية، كألمانيا وفرنسا وحتى إيطاليا؛ ولهذا فقد ترددت بريطانيا في الانضمام للوحدة النقدية الأوروبية «اليورو» رغم الريادة البريطانية في الاتحاد الأوروبي؟
السياسيون والاقتصاديون الأوروبيون وغيرهم، الذين اهتموا بهذه التجربة (تجربة تكوين وحدة نقدية دولية تضم دولاً ذات اقتصاديات قوية جداً، ودولاً تعاني خللاً اقتصادياً ودولاً بيْنَ بين)، وجدوا أن الأخطاء التي تُرتكب من قِبل حكومات أعضاء في الوحدة النقدية الأوروبية انعكست سلباً على التجربة. ومع أن التأثير السلبي يظهر بوضوح على اقتصاد الدولة التي ارتكب اقتصاديوها الأخطاء إلا أن هذا التأثير لا بد أن يمتد إلى باقي اقتصاديات «الوحدة النقدية» ما لم تبادر الدول القوية اقتصادياً في الوحدة إلى انتشال اقتصاديات الدول المنهارة وفرض معالجات قاسية لتصحيح اقتصادها رغم ما يعترض ذلك من عوائق لها علاقة بسيادة الدولة وخياراتها الاقتصادية المرتبطة بالأوضاع الاجتماعية والسياسية.
JAZPING: 9999