إني أدعوك إلى التفكير والتأمل.. ماذا تقدمه لك تلك السيجارة اللعينة؟ وإذا أردت أن تعرف الإجابة.. انظر إلى يديك وما لحقها من رعشة ورجفة واصفرار من آثار التدخين.. انظر إلى وجهك الذي أصابه الضمور والإرهاق.. انظر إلى عينك التي لازمها الاحمرار والضعف.
تحسس قلبك الذي أصبح عجوزاً على الرغم من أنك في ريعان الشباب.. تحسس رئتك التي لم تعد قادرة على تنقية الهواء.. بل تفقد أسنانك ورائحة فمك وغضب زوجتك منها وتشبع ملابسك بدخان السجائر اللعين وضيق أهلك وأطفالك وذويك مما تقوم به. تذكر محاولاتك الدائمة لإخفاء سر أنك مدخن على كل من حولك إحساساً منك أنك ترتكب جريمة في حق نفسك والمجتمع معاً.
اخبرني بالله عليك.. لماذا تبعثر أموالك لتشتري بها مرضاً وألماً وضيقاً وكذباً لنفسك؟ لماذا تسعى لتخريب جسدك وإضعاف صحتك وقتل نفسك وإيذاء من حولك؟ ألا تفكر للحظة واحدة أنك ستحاسب أمام الله عزَّ وجلَّ على أموالك وصحتك وأبنائك وأحفادك وعشيرتك ومجتمعك ووطنك؟
هل أنت مقتنع بالنشوة الزائفة التي تحققها لك السيجارة اللعينة أو النرجيلة المشتعلة أو شتّى صور التدخين التي اخترعها أعداء الله وأعداء الإسلام ليجمعوا أموالاً طائلة على حساب صحة شعوبنا وسلامتها وقوتها وعزمها؟ أما ترى أنهم يسرقوننا بدخان سجائرهم الزائف؟!
دول العالم المتقدم بدأت تتراجع فيه أعداد المدخنين يوماً بعد يوم.. أما في أوطاننا العربية وبلادنا فالأعداد تتزايد يوما تلو الآخر... وهذا في اعتقادي لسبب بسيط هو أن من وجد أباه مدخنا فسوف يصبح عما قريب مدخناً ولن يلتفت إلى نصائح الأصدقاء أو إلى تعاليم الدين ومناهج التربية بالمدرسة ولا إلى الإعلان التلفزيوني أو المقال الذي بين أيدينا.. لأنه ببساطة افتقد القدوة (الأب) ورآه مدخناً فأدرك أن من القدوة أن يصبح مدخنا..
الحقيقة أنك في نهاية الأمر سيد قرارك بالإقلاع عن التدخين أم لا، ولكني أقول لك بعين الناصح الأمين: اقلع عن التدخين وابدأ حياة جديدة نقية بعيدة عن الدخان الأزرق، وإن لم يكن هذا من أجلك فافعله من أجل أولادك وإن لم يكن من أجل صحتك فمن أجل أموالك.
كيف نكافح التدخين؟ الإجابة سهلة وبسيطة ولا تحتاج إلى التعقيد والتنظير فقط على كل مدخن أن يبدأ بنفسه أولاً ويقف معها ويخبرها بصوت قوي قائلاً: لقد كان الوقت أن أمتنع عن التدخين وأستمتع بحياتي وأموالي وزوجتي وأولادي وبيتي ووطني.
إذا أردنا أن نكافح التدخين.. فعلينا أن نخلق مناهج تربوية فعالة لمكافحة التدخين يتم دراستها في جميع المراحل التعليمية المختلفة، مع التركيز على دور رجال الدين وقادة المجتمع في هذا الصدد باعتبارهم أحد مكونات القدوة وصناع القرار والرأي العام وأصحاب الحكمة وأهل الرأي، مع التركيز على التثقيف الصحي وعقد الندوات والدورات التدريبية في مجال مكافحة التدخين، وتنشيط دور الإعلام الصحي بوسائله المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية، وضرورة سن تشريعات رادعة وقانون خاص بالتدخين ووضع سياسات سعرية تهدف إلى تقليل تعاطي منتجات التبغ من خلال رفع أسعارها وزيادة الضرائب المفروضة عليها، تحديد إنتاج الشركات الأجنبية من السجائر والأدخنة ورفض أي توسعات جديدة أو زيادة في الإنتاج الخاص بها.
نحتاج إلى تبني حملات ضخمة.. تحمل رسالة هادفة للحد من آثار التدخين ومواجهته ودعم الإعلانات الخاصة بالتسويق الاجتماعي للعادات والسلوكيات الاجتماعية الحميدة، والاستفادة من دور العلاج والمصحات لمكافحة التدخين كفرصة طيبة للإقلاع عن التدخين ونبذ تلك العادة السيئة التي تستهدف شبابنا وحياتنا ومجتمعنا، بل تستهدف أن نصبح أذلاء لدخان مميت يضر ولا ينفع يخرب ويدمر ويقتل الحب والعطاء في نفوسنا، فأعتقد أنه حان الوقت لكي نتوقف عن التدخين ونبدأ صفحة جديدة..
وزارة الداخلية - aalasem@hotmaill.com