إنّ لفظة (غلا) أصبحت هذه الأيام تغضُّ مضاجع الجميع دون استثناء الاّ أصحاب رؤوس الأموال ومَنْ هم على شاكلتهم الذين ساهموا في هذا ال(غلا). إنّ هذا الأمر جعل ارتفاع الأسعار يسري ويستشري كالنار بالهشيم، وبدأ (الغلا) يعيش في (وجدان) كلٍّ منا، بل إننا صرنا نبحث عنه ونفرح به.. لماذا؟ لا نعلم.. هل لأنه أصبح يعيش بدواخلنا وأصبحنا نحبه؟، وهل هذه الحالة حالة طبيعية أم أنها مرضٌ أدخله إلينا ال(غلا) ومِنْ ورائه الباحثون عن متاعبنا قصرنا لا ندري، وأصبحنا نتخبّط ولا نسير على وتيرة واحدة.. هيامٌ وأفراحٌ وضياعٌ وبحثٌ، وبدأنا نفتش في مكتبتنا الداخلية عن مسمّيات تليق بما نحن فيه وهو ينظر إلينا من بعيد، على الرغم من أنه يعيش في وجداننا.. إنها حالة صعبة وخطيرة أن يبحث الإنسان عن متاعبه بنفسه.
بدأنا نتهافت على السلع نشتري منها الكثير لنخزِّن أكثر خوفاً من (غلا) جديد، وبذلك يزداد الغلا غلاءً، ويفرح المتخمون خلف خوفنا، ويضخُّون أكثر ونشتري أكثر والغلا يزداد.. إلى متى نبقى مطيّة لجشع التجار وجشع أنفسنا قبل ذلك، فلو توقَّف كلٌ منا عن شراء أي سلعة ينفخ فيها الغلا لأصبح الوجدان منا راضياً، ولهدأت العاصفة، ولقتلنا الخوف في دواخلنا، وقتلنا معه جشع التجار ولأصبح الغلا من الحب بدل الخوف والكراهية، ولوجدنا في (وجداننا) الراحة التامة التي افتقدناها طويلاً.