التساهل الكبير الذي ينظر إليه البعض تجاه الأقساط والمديونيات ربما يقود بالشخص إلى مشكلة كبيرة.. أو هي كارثة قد تقوده إلى السجن أو على الأقل.. ربما يكون منبوذاً اجتماعياً ويتحاذر الناس من التعامل معه.
البعض لا يترك فرصة يمكن من خلالها أن يحصل على قرض أو سلفة أو تقسيط إلا ويدخل في هذا المجال.. حتى لو كان دخله جيداً.. فهذا التصرف بدون شك.. يجعل دخله مشاعاً بين عدة جهات.. فوق الالتزامات الأخرى.. وهي فواتير الكهرباء والهاتف والماء والالتزامات اليومية والأسبوعية والشهرية والالتزامات الأخرى غير الثابتة.. كالتكاليف الطبية أو رسوم التأمين أو الإصدارات والمجاملات وما شاكل ذلك من الالتزام الذي يفرض على الشخص المزيد من الإنفاق.
نعم.. هناك شره كبير في الإنفاق أو السعي للحصول على خدمات أو منافع أو سلع بدون غطاء مالي.. إما بالاستدانة أو القرض أو بطاقات الائتمان أو السلف أو التقسيط أو أي شكل من أشكال الاقتراض غير المدروس.. الذي يقود إلى نهاية مؤسفة..
إن مشكلتنا ليست.. أننا نشتري ما نحتاج وما لا نحتاج فقط.. ولا لأننا نشتري أموراً كمالية فقط.. بل أحياناً علينا أن نتوقف عن شراء أمور نحن نعتقد أنها ضرورية لأسباب مالية.. بمعنى.. أنني أستطيع أن أضغط الأمور الضرورية وأختصرها وأختصر تكلفتها وأحاول إخراج أمور أخرى إلى تصنيف الأمور الكمالية.. حتى الأمور الضرورية يمكن ضغطها إلى النصف.. حجماً ونوعاً وتكلفة.. ولدينا مثال.. وهو السكن.. إذ يمكن للشاب أن يسكن في شقة بـ(200) ألف ريال.. ويمكنه أن يدخل في قروض وأقساط ومديونيات ومشاكل.. لأنه يريد فيلا (500 متر) أو (750) متراً وهكذا إذا سكن في منزله.. يمكن ضغط ميزانية الأدوات والمعدات الإلكترونية والأثاث المنزلي والأدوات الكهربائية ويمكنه الاستغناء عن أمور كثيرة داخل منزله.
يمكن للكثير من الأسر.. الاستغناء عن الخادمة والسائق وكذا الاقتصار على سيارة واحدة بسعر معقول.. ذلك أنني أعرف أشخاصاً أمورهم المادية ضعيفة.. ومع ذلك.. هو خاضع لتقسيط سيارة فارهة.. لماذا؟
ثم.. لماذا البذخ في التأثيث؟ ولماذا السفر السنوي؟! ولماذا الانجراف وراء التسهيلات المادية.. كالتقسيط أو ما يسمى بالتخفيضات أو الجري وراء كل جديد؟
إن لدينا مشكلة هي انعدام الوعي الاستهلاكي.. لأن أكثرنا يسير بطريقة.. هي السعي على الحصول على كل ما هو متاح ولا يفكر في العاقبة.. وأكثر المتطورين في مديونيات.. هم من هذا الصنف البسيط.
البنوك تقدم قروضاً وتسهيلات وتشجع عليها.. وتمنح بطاقات ائتمان تساعد على الصرف.. وتحفز الناس على الشراء حتى بطاقات الصراف الآلي أحد محفزات الشراء.. وشركات التقسيط تناشد.. والشركات والمؤسسات التجارية تبيع بالتقسيط.. ابتداءً من السيارة وانتهاءً بالمكنسة الكهربائية فصارت حياة البعض كلها قروضاً وسداد فواتير.
لست ضد التسهيلات ولا ضد التقسيط والقروض.. ولكن.. في الأمر أو الشأن الضروري والضروري جداً جداً.. أما أن يكون ذلك حافزاً لنا على الشراهة في الإنفاق فهذا.. هو المحذور.