كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية القناع عن وجود أحياء كاملة فقيرة في سوريا ومصر يعيش فيها أبناؤنا السعوديون من أمهات مطلقات من مواطنات تلك الدول. ولم تُكشف هذه المعلومات إلا في أروقة مجلس الشورى إثر اجتماع لجنة الشؤون الأمنية لمناقشة مشروع تنظيم زواج السعودي بغير السعودية، والعكس؛ حيث وجَّه رئيس مجلس الشورى بتشكيل لجنة خاصة لدراسة مشروع تنظيم زواج السعودي بغير السعودية والسعودية بغير السعودي, ويتألف التنظيم الجديد من اثنتي عشرة مادة، تتضمن معالجة الآثار السلبية الناتجة منه، ويهدف إلى حفظ مصالح المواطن السعودي؛ لانعكاس ذلك على الأمن الاجتماعي والاستقرار الأسري.
ومعروف أن بعض الرجال السعوديين يذهبون لهاتين الدولتين وغيرهما بغرض السياحة أو العمل، فيتزوجون ويتركون أبناءهم مشردين، وزوجاتهم إما معلقات أو مطلقات.
العجيب أن المشايخ والمحتسبين لم يثأروا لذلك ولم يناقشوا هذه القضية الوطنية والإنسانية التي يندى لها الجبين، ولاسيما أن بناتنا السعوديات هناك يعشن ظروفاً اقتصادية واجتماعية سيئة، وهن مسلمات من أب مسلم على الأقل، ناهيك عن كونهن سعوديات من أب سعودي! ولم تتطرق منابر الجمعة لهذه القضية إطلاقاً، ولم يتم تحريمها أو حتى تجريمها، ربما لأن الجاني هو الرجل فهو مغفور الذنب؛ لأنه لم يفعل ذلك إلا بهدف إعفاف نفسه من الوقوع في الخطيئة!! وحيث إن الضحية هي المرأة إضافة إلى أنها ليست من بلادنا فإلى الجحيم!! بينما المرأة العفيفة أصلاً، المحتشمة فعلاً، تُحارَب عند بحثها عن لقمة عيشها وهي في بلادها!
والواقع المخجل أن ما يقارب تسعمائة طفل سعودي في الخارج يعيشون على الكفاف أو أقل منه، علاوة على أنه ليس لديهم شهادات ميلاد تثبت نسبهم بسبب زواج والديهم في ظروف غير ملائمة أو عرفياً؛ ما أفرز من تلك الظاهرة أطفالاً سعوديين يعيشون في الخارج مشتتين نتيجة طلاق الأبوين أو عدم تصحيح وضعهما؛ حيث أعلنت السفارة السعودية في دمشق هذا العام أن هناك أربعمائة أسرة مشتتة؛ نظراً لزيجات رجال سعوديين ونساء سوريات؛ بسبب انتشار أحد أنواع الزواج المحلل مؤخراً وهو ما يُعرف بزواج المصياف، الذي يعقد في إجازة الصيف دون تحديد وقت للطلاق، ويتم التحايل به؛ حتى لا يخلط بينه وبين زواج المتعة، تماماً مثل التحايل على الربا! وعادة يقوم بهذا العمل بعض رجال الأعمال الأتقياء الذين يكرهون الوقوع في الرذيلة، بينما يقعون في الظلم وعدم تحمُّل المسؤولية؛ حيث يصل الحال بأبنائهم إلى حد التسول والسرقة لتأمين لقمة العيش، وقد تنحرف البنات أو يقعن في الرذيلة التي كان يأنفها الوالد الورع!!
ولئن كانت الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج (أواصر) قد أعلنت وجود ستمائة أسرة سعودية متعثرة في الخارج تضم أكثر من ألف وثمانمائة شخص، تنتشر في دول عدة، أبرزها سوريا ومصر، بحسب إحصاءات وزارة الخارجية والسفارات في مختلف الدول؛ فإن جهود الجمعية لإعادة من يرغب من هذه الأسر إلى المملكة ما زالت محدودة. والأجدر بوزارة الداخلية تصحيح أوضاع أبنائنا المشردين، والعمل على إثبات نسبهم لآباء سعوديين بالاعتماد على الفحوصات وإجراء تحاليل الحمض النووي (DNA) بعيداً عن الاستغفال.
كما أن على وزارة الخارجية منع سفر الرجال الذين ثبت تورطهم في الزواج والإنجاب والهروب، وعدم تحمل مسؤولية هذا الفعل، ومصادرة جوازات سفرهم؛ لأنهم قد تسببوا في مشاكل اجتماعية واقتصادية وقد تتحول إلى سياسية، وقبل ذلك فالمسألة إنسانية وشرعية وحياء ورجولة!!