كان الفلسطينيون قبل اتفاق أسلو يرون أن مساحة دولتهم فلسطين هي من البحر إلى النهر وفقاً لما ورد في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، ولكنهم بعد المفاوضات مع إسرائيل عبر الاتفاقية المشار إليها قاموا بتعديل ميثاق
المنظمة بما يتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة على جزء من أرض فلسطين وأن الدولة الفلسطينية التي يطمح إليها الفلسطينيون ستكون على الأرض التي احتلت من قبل إسرائيل سنة 1967م بمن في ذلك حركة حماس التي تتهم بالتشدد والعنف من قبل إسرائيل ودول الغرب، فقد أعلنت حركة حماس أن الدولة الفلسطينية التي تطمح لها هي التي ستكون على الأراضي المحتلة سنة 1967م بما في ذلك القدس الشرقية التي يوجد فيها المسجد الأقصى ثالث المساجد المقدسة لدى المسلمين، كما أن الدول العربية جميعها أيدت مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- التي تدعو لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة سنة 1967م بما فيها القدس الشرقية، مقابل الاعتراف بها من قبل العرب والتعايش معها.وكان المفترض أو المتوقع أن تتفاعل إسرائيل مع هذه المبادرة خاصة وأنها صادرة من بلد محوري مهم ومع ما تم من قبل الفلسطينيين، إلا أنه يلاحظ أنه كلما اقترب الفلسطينيون والعرب من السلام ابتعدت إسرائيل عنه، وقد بدأت إسرائيل ذلك بعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها سنة 1967م، ثم قامت إسرائيل بإقامة المستوطنات في تلك الأراضي مع أنها غير مشروعة وتتعارض مع القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة التي تقضي بعدم قيام الدولة المحتلة بأحداث تغيرات جوهرية في الأراضي التي احتلتها، ثم قامت بإقامة الجدار العازل في تلك الأراضي المحتلة الذي يفصل بين إسرائيل وبقية أراضي الضفة الغربية المحتلة، ثم قامت بالانقلاب على اتفاق أسلو الذي أبرمته إسرائيل مع الفلسطينيين والذي أدى إلى عودة القيادات الفلسطينية من الخارج وانسحاب إسرائيل من بعض المدن الفلسطينية، إلا أن مقتل رئيس وزراء إسرائيل الأسبق (إسحاق رابين) علي يد المتشددين الإسرائيليين المعارضين لعملية السلام أدى إلى توقف السير في تنفيذ الاتفاق، وقد وعد الرئيس الأمريكي السابق (بوش) بإقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل سنة (2005م) وكان يعتز بذلك لكونه أول رئيس أمريكي يَعِدُ بذلك، إلا أن سنة (2005م) حلت ولم تقم الدولة الفلسطينية، ثم وعد بأن سنة (2009م) ستكون موعد قيام الدولة الفلسطينية إلا أن ذلك لم يتحقق أيضاً بسبب تعنت الموقف الإسرائيلي، ثم جاء الرئيس الأمريكي الحالي (باراك أوباما) فأكد على موضوع الدولة الفلسطينية وعيّن ممثلاً دائماً له لمتابعة حل الصراع العربي الإسرائيلي وفقاً لذلك، إلا أنه مضى سنتان ولم يظهر في الأفق بصيص أمل في أن حل ذلك الصراع وقيام الدولة الفلسطينية سيتمان، فقد توقفت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بسبب إصرار إسرائيل على الاستمرار في إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية بما في ذلك مدينة القدس الشرقية مما أدى إلى تدخل الولايات المتحدة حيث طلبت من إسرائيل وقف إقامة المستوطنات لمدة ثلاثة أشهر لكي تتم العودة للمفاوضات وكأن الولايات المتحدة مع الأسف تبرر لإسرائيل إقامة تلك المستوطنات مع أنها كما سبق أن أشرنا تتعارض مع القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة، ولم يُجْدِ التدخل الأمريكي المشار إليه في العودة للمفاوضات بسبب إصرار إسرائيل على أن وقف الاستيطان خلال الثلاثة الأشهر المقترحة من الولايات المتحدة لا يشمل مدينة القدس الشرقية مع إدراكها بأن ذلك سيكون محل اعتراض من الفلسطينيين وهو دليل على أن إسرائيل ليس لديها الرغبة الجدية في إقامة السلام بدليل استمرارها في إقامة المستوطنات في أراضي الفلسطينيين وبالتالي التهام بقية تلك الأراضي وهو الأمر الذي يثير التساؤل، على أي أرض ستقام الدولة الفلسطينية؟ إذاً ما دام أن إسرائيل مستمرة في إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية ولن تتوقف عن ذلك؟ فهل المقصود بذلك هو الحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية وبالتالي عدم إحلال السلام.
Asunaidi@mcs.gov.sa