في مقال يوم الخميس الماضي ذكرت ثلاث نقاط حول مشاركة الدكتور سعد ابن مطر العتيبي في قناة دليل. وفي هذا المقال سأستوفي ما لم أتطرق له في مقال الخميس نظراً لضيق الحيز: رابعاً: يقول الدكتور ابن مطر في مداخلته: (لا بد أن يكون القضاء مستقلاً حقاً، لا يعترض بلجان في وزارة الإعلام، ولا غيرها, لا يكون الحَكَم على الإعلاميين هو وزارة الإعلام وإنما المؤسسة القضائية مباشرة, يعني هذه لابد منها، جدولة وطنية الإعلام عندنا مهمة وإسلامية، لا بد من تيسير سبل المحاكمة القضائية، وإزالة العوائق أمام الادعاء الخاص بالعرض لتجاوزات الإعلام ليتحقق الاستقلال التام فعلاً. هنا تعاد الأمور إلى نصابها, أما إذا تركنا الأمر على ما هو عليه الآن فوالله إنها مشكلة)..
لجنة النظر في المخالفات الإعلامية تشكلت، ومارست أعمالها، بموجب نظام المطبوعات، وهذا النظام أصدره ولي الأمر صاحب البيعة للنظر في الشكاوي التي ترد إلى وزارة الإعلام حول ما ينشر أو يُبث في وسائل الإعلام الداخلة ضمن النطاق السيادي للمملكة.
هذه اللجنة (إدارية) بحتة هدفها إصلاح ذات البين ابتداء، وما تتخذه هذه اللجنة من قرارات ليس لها (إطلاقاً) صفة الإلزام كما هي صفة الأحكام القضائية، ففي حالة قبول طرفي النزاع ما تتخذه هذه اللجنة من قرارات تنتهي القضية عند هذا الحد، وإذا رأى أحد المتخاصمين أن قرار اللجنة لم يفه حقه، فله كامل الحق بطلب رفع القضية محل الخلاف إلى (ديوان المظالم)، وهو الجهة (القضائية) التي خولها ولي الأمر صاحب البيعة للنظر في مثل هذه القضايا..
سؤالي لابن مطر: أي خلل شرعي يكتنف مثل هذه الإجراءات الإدارية (البحتة) في التعامل مع المخالفات الإعلامية؛ وهل التظلم الإلزامي من تصرفات وقرارات الجهات الحكومية إلى الجهة المصدرة لها، أو المعنية بها، كوزارة الخدمة المدنية - مثلاً - قبل أن يتم التقاضي لدى ديوان المظالم يعتبر من جنس ما تذكر؟؛ وإذا لم يكن كذلك فما الفرق ما دام أن الأمر مرجعه القضاء في كافة الأحوال، سواء كان عن طريق المراقبة أو الحكم؟
وهل قال أحد: إن اللجنة الإعلامية تصدر أحكاماً، أو حتى قرارات لا يجوز التعرض لها ولا الاعتراض عليها؛ ولماذا لم ترجع في هذا إلى نظام المطبوعات والنشر الذي وضح هذه النقطة؛ أجبني يا مُعلم قضاتنا؟
خامساً: يقول الدكتور ابن مطر: (المشكلة الكبرى الآن بعض الإرهابيين صار يتحجج ويقول: إن الإعلام فيه (تحبيط) ضد الثوابت وهذا للأسف هو الذي جعل التكفيريين في مصر يكفرون بهذا الأسلوب)..
يحاول ابن مطر هنا أن يوظف الإرهاب، وما يقترفه الإرهابيون في المملكة في صالحه، وفي مصلحة (دعاة) تكميم الأفواه من أصحابه؛ وهذا ما ينقضه الواقع من أساسه؛ وتاريخ صراعنا مع هؤلاء الخوارج (الإرهابيين) يثبت ما أقول.
فهم - يا ابن مطر - (خوارج) بكل ما يحمله المصطلح من معنى؛ اختلافنا معهم اختلاف جذري، اختلاف وجود لا اختلاف حدود، فإمّا نحن وإما هم، وليس (إعلامياً) كما تزعم، فهم يستهدفون الكيان، واستقرار الكيان، وأمن الكيان، وقادة الكيان؛ وإرهابهم - يا ابن مطر - بدأ قبل أن يرتفع سقف الحريات الإعلامية في المملكة، ويدخل الإعلام كوسيلة (توعية وتثقيف) في صراعنا مع هؤلاء الخوارج وثقافتهم؛ وأربأ بك أن (تختلق) حجة خطيرة للإرهابيين مؤداها: (لعل له عذراً وأنت تلوم)؛ فهل بلغ بك الفقر في الحجة والمنطق إلى درجة أن تلجأ إلى ابن لادن (تستجدي) منه ومن إرهابه، ومن شقه لعصا الطاعة، حُججاً لتذبَّ بها عن تيارك، وتجعل من جرائمه (ذريعة) لتكميم الأفواه؟..
عيب يا مُعلم قضاتنا!
إلى اللقاء.