سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الموقر..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في ثقافة الجزيرة ذات العدد 13890 الصادر بتاريخ السبت 1-11-1431هـ طالعنا هذا الخبر: بعد 53 يوماً من وفاته طالب محبو د. غازي القصيبي ليلة ذكراه بإنشاء مركز ثقافي يحمل اسمه والاهتمام بنتاجه الفكري والثقافي والإداري، وإدماج قطوفات من شعره ونثره في المناهج الدراسية والتعليمية... هذا شيء جميل ورائع أن يظل اسم د. غازي القصيبي عالياً وسامقاً في كل زمان ومكان، وأن يتبارى المعنيون والمهتمون في كيفية التعامل مع ظاهرة كهذه من حيث الشخصية والنتاج، ومن حيث التفكير والسلوك.. فالشخص -رحمه الله- له حضور دائم وكاريزما منقطعة النظير مهما ابتعدنا عن ألم الغياب وإعلان الرحيل فهي الحقيقة وهي الحيرة في التباعد والتقارب وتجسير الصلة في فهم المطلوب وتحديث الفائدة.. وما ذُكر بعاليه وما ذكره البعض في مشاركتهم ومداخلاتهم على تعددها وتنوعها من مطالب وأمنيات مطمح يتطلع إليه الجميع، ومأمل ينظر إليه الكل رجاء تحقيقه، وملمح يراد تنفيذه والأخذ به حتى ولو بعد حين.. فإذا كانت الأمنيات أو المطالب بهذه الصورة التي وصلت إلى حد التوصيات والتفكير فيها بجدية في قالبها النظري والعملي، إذن ما المانع لو أضيف إليها اقتراح د. القصيبي في مادة اللغة العربية وطريقة تدريسها في حال لو طبق إدماج قطوفات من شعره ونثره في المناهج الدراسية والتعليمية.. فاقرأ له في كتاب «استجوابات غازي القصيبي ط 2 ص124 تحت عنوان (وضع اللغة العربية)، حيث وُجه إليه سؤال مفاده: هل أنتم راضون عن وضع اللغة العربية - فهناك شكوى مستمرة من قواعد اللغة العربية، وهناك ضعف شامل في هذا المجال؟ فأجاب: عندما اقرأ كتاباً مثل فقه اللغة للثعالبي وأرى عشرات المصطلحات الدقيقة في كل موضوع تحدث عنه أسلافنا، وأرى فقر لغتنا اليوم أكاد أشرق بالدموع.
عندما قرر الصهاينة إنشاء دولة لهم، كانت اللغة العبرية لغة ميتة، بعثوها بعثاً من المعاجم، واستخدموا مفرداتها حتى أصبحت لغة حية، أما نحن فقد ورثنا أكثر اللغات حياة، فبذلنا أعظم الجهد لقتلها.. ثم أضاف: هل من المعقول أن يتخرج الطالب من الجامعة دون أن يفتح المعجم مرة واحدة في حياته، أنا أعرف أناساً حصلوا على درجة الدكتوراه في الأدب دون أن يكون في بيوتهم معجم واحد.
فأعطى الحل في خطوتين وتجربة خاصة به.
الخطوة الأولى: أن نضع في يد كل طالب قاموساً صغيراً مع المرحلة الابتدائية ويتدرج مع تقدم الطالب.. وأن تخصص ضمن مواد اللغة العربية «مادة المعجم» ليكتشف كل طالب غنى لغته المذهل.
الخطوة الثانية: هي تغيير طريقة تدريس القواعد، لا أقول القواعد نفسها، نحن ندرس المهم مع غير المهم فتختلط الأمور ويختلط الحابل بالنابل.
التجربة الخاصة: لقد وجدت من تجربتي الخاصة أن بوسع المرء أن يكتب بلغة صحيحة وسليمة إذا أتقن عدداً محدوداً من قواعد اللغة العربية الفاعل والمفعول، المبتدأ والخبر، أن وكان وأخواتهما، الجار والمجرور. وهذه القواعد تكفي لأن أكتب كتابة صحيحة بنسبة 95%.. فماذا نفعل في تدريس القواعد؟.
ندرس المفعول معه، والمفعول من أجله، وحتى التي مات جدنا اللغوي العظيم وفي نفسه شيء منها. فيضيع الطالب بين الأساسيات والفروع.. لو كنتُ المسؤول عن تدريس القواعد لاكتفيتُ بهذه الأسس التي أشرت إليها، وخصصتُ سنةً حاملةً للمبتدأ والخبر، ولا شيء غيرها وسنةً أخرى للجار والمجرور، وسنةً ثالثة للفاعل والمفعول وهكذا.
افعل هذا واضمن أنك لن تجد كما تجد اليوم بين خريجي الجامعات من يقول: لك انقسم الناس إلى فئتان، أو جاء الرجال المسلمين. «حبذا لو جربتْ مدرسةٌ واحدةٌ فقط هذه التجربة.. يقيني أنها ستجد النتائج رائعة.. هذا لا يعني - بطبيعة الحال - إهمال بقية القواعد.. كل ما يعنيه هو تحويل دراستها من فرض عين واجب على الجميع إلى فرض كفاية للمختصين في اللغة العربية» أ.هـ.
ألا يعطي هذا الحل - بالخطوتين والتجربة - قدراً من المقاربة بالمادة وانشغال الطالب بها، وكذلك احتمال النجاح فيها.. خصوصاً بعد أن أكد من خلال ما ذكره ضمان التغيير ووجود الفائدة.. وأيضاً يقينه بأنه لو مدرسة واحدة جربت ذلك ستجد النتائج رائعة.
ألا يستحق هذا الحل الاهتمام به والتفاعل معه من قبل إدارة التعليم ذاتها أو المدارس نفسها على تعدد مراحلها وأنشطتها وتنوعها والتي تعني بشأن اللغة العربية وما يندرج منها من مواد وموضوعات تفيد الطالب حالياً، ومستقبلاً.
واصل عبدالله البوخضر- الأحساء