متفقون على أن المسرح ليس له عائد يغطي مصاريفه، باعتباره يعتمد على الحضور في القاعة، وهو حضور قليل إذا ما قُورن بمشاهدي الشاشة الفضية، وفي المقابل يمكن للنجم المسرحي أن يرفع من دخْل المسرحية.. وفي رفع نسبة الحضور الجماهيري ما يجعله عنصراً مهماً جداً في اقتصاديات الفنون بصورة لا يحق لنا تجاهله مهما كانت المبررات.
هذا يتطلب التفكير في طرائق إبداعية جديدة تستقطب رجال الأعمال إلى المسرح، وتقنعهم بقيمة المسرح ذاته وقيمة الجماهير وقيمة النجم، وإلا سيظل المسرح فقيراً فنياً واقتصادياً، وهذا ليس في صالحه على المدى الطويل، ولا سيما إذا ما عرفنا أن السينما بدأت تأخذ وضعها.. مما يعني أن المسرح سيكون داخل منافسة خاسرة معها.
اقتصاديات الفنون أمر مهم يجب أن نسرع بالتفكير فيه على مستوى مؤسسات الثقافة والفنون، لأن أي تأخير يجعلنا أسيري الاجتهادات الشخصية التي لم ننفك منها بعد، وإذا ما دخلت المفاهيم الاقتصادية للفنون بالتأكيد سترفع من قيمتها فنياً، لكن هذه المناطق يجب أن تكون وفقاً لخبرات اقتصادية وفنية، حتى لا تتحول أعمالنا الفنية إلى (مقاولات) تسيء لنا أكثر مما ترفع من قيمة الفن.
الإقبال على المسرح كبير جداً بشهادة مسرح أمانة منطقة الرياض، حيث وصل جماهير برامج المسرح في عيد الفطر في العام الحالي إلى 20.000 متفرج خلال ثلاثة أيام، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى مستوى العروض المسرحية محلياً وخليجياً، ليس لأنه مجاناً، وإنما لأهمية المسرح لدى الأجيال الجديدة، بعد أن كانت الأجيال القديمة تقذف المسرحيين بالحجارة.. كما حصل مع مسرحيين عرب.. ومسرحيين محليين، ولو كان الدخول بتذاكر سيكون العدد هو نفسه، لأن الجماهير السعودية الجديدة تعشق المسرح ومتعطشة له.. حيث تشكَّل لديها إحساس فني عالٍ بفعل التواصل الفضائي الذي ربطها بفنون العالم، ولا أظن التذاكر ستقلل من الجماهير.. طالما أن المسرحية المعدة تستحق المال والوقت اللذين يبذلان من أجلها.
بالطبع، رجل الأعمال الذي يستثمر في الفن، لا يوجد في حقيبته (نص مسرحي) بقدر ما يُوجد فيها آلاف (السيناريوهات) الدرامية، وهذي حقيقة ما زلنا نعاني منها، فالمسرح حتى الآن لم يصل بعد إلى تلك الحقيبة التي تتوالد فيها الأموال بشكل سريع، وتكون مصدراً ماليا مهماً لدعم الحركة الفنية، وعندما نصل إلى تلك الحقيبة، يكون بمثابة الدليل على نجاحنا في تحقيق ما يُعرف ب (اقتصاديات الفنون - الخاصة بالمسرح).