فوز دولة قطر باستضافة كأس العالم 2022 جاء مفاجأة سارة لكل المنطقة فهو يعني أن دولة عربية دخلت تاريخاً عريضاً في المناسبات الدولية الهامة وكذلك هو يعني احتضان الجزيرة العربية لهذا الحدث الهام ويسجل كذلك كأول دولة إسلامية وشرق أوسطية تحقق هذا الإنجاز المهم وإذا ما نظرنا بالمكاسب التي ستنعكس على قطر والمنطقة عموماً فإن هناك فوائد كبيرة ستتمخض عن هذا الحدث وقد بدأت تتشكل منذ أن تم الإعلان عن فوز قطر بهذا الحلم الكبير.
لكن استقراء الآثار الاقتصادية يظهر كأبرز الجوانب التي تتركز عليها الأنظار فالإنفاق الكبير الذي قررته الدولة المستضيفة قدر بخمسين مليار دولار أميركي إلى الآن وهذه الأرقام قابلة للتغير مستقبلاً وهذا بسبب تقلبات أسعار الصرف وليس بغريب أن تتغير التكلفة لأن هذا من طبيعة المشاريع خصوصاً أن الأسعار تتغير حالياً بشكل كبير نتيجة تقلبات العملات وفق ما يسمى مجازاً حرب العملات.
ولكن إذا كانت قطر ستبني المنشآت والمرافق لأنها موقع الحدث لكن الانعكاسات ستتجاوزها إلى باقي دول المنطقة وبأشكال متعددة فينظر الآن إلى الشركات التي ستمول هذه المشاريع بمواد البناء وغيرها من المنتجات التي تتوفر بدول الخليج وبالتالي سينشط حركة الإنتاج والتصدير وسيفتح سوقاً واسعاً لها لم يكن في خانة الحسابات إلا مع الإعلان رسمياً بفوز قطر باستضافة البطولة.
فكل شركات مواد البناء ستكون أمام فرصة ذهبية ستفتح في السوق القطري وكذلك بعض المنتجات الصناعية سواء التعدينية وغيرها فتوفير مواد البناء من المنطقة أقل تكلفة ويساهم بالبقاء ضمن خانة التقديرات الأولية لتكاليف برنامج استضافة البطولة.
ولا تقف الفائدة عند هذا الحد بل سيكون لشركات البناء دور بارز في مجمل المشاريع وبالتالي فإن الطريقة التي سيتم من خلالها تنفيذ كل هذه المشاريع الجبارة ستعكس بشكل جلي حقيقة وواقع السوق الخليجية المشتركة ومدى التركيز على أن يكون التعاون بشكل نسبي كبير في تحقيق الإنجاز عبر أولوية إعطاء الفرصة للشركات الخليجية بدرجة أولى فهذا ما يتم بكل التكتلات العالمية سواء في أوروبا أو غيرها خصوصاً أن الكثير منها تملك إمكانيات وخبرات واسعة بإنجاز مشاريع كبيرة وعملاقة.
غير أن الآثار ستكون ببعدها الكبير لتكون مؤشراً على انتقال عدوى إنشاء بنى تحتية بكل دول المنطقة فما سيتم عمله في قطر سيكون نقلة نوعية بجوانب ونواحي كثيرة لا بد من أن تصبح نموذجاً عاماً لكل الدول من خلال ما سيتم بقطاعات عديدة، فإنشاء شبكة قطارات في قطر وكذلك ملاعب يتم تلطيف الأجواء بداخلها بتقنية تعتمد على الطاقة الشمسية لا بد من الاستفادة منها بكل الدول لأنها تتشابه مناخياً كما سيكون للقطار الخليجي الذي يتوقع إنجازه في العام 2017 دوراً بارزاً في رفع مستوى تنقلات المواطنين الخليجين والبضائع بين كل الدول وستستفيد قطر من ذلك بأن تصبح مسألة وصول الراغبين بمتابعة الحدث في قطر سهلة وميسرة لمواطني دول الخليج مما يزيد من حجم القادمين لها لحضور المباريات، كما أن من شأن ذلك بأن يساعد من رفع أعداد الوافدين للمنطقة عبر مطارات دول الخليج والانتقال إلى قطر من خلال وسائل نقل متعددة.
إن محاولة تبسيط أو حتى الإسهاب بشرح أو تحديد حجم الانعكاس الاقتصادي الإيجابي الذي سيمتد إلى تاريخ انطلاقة البطولة لا تقف عند حد معين أو حجم محدد؛ ففي كل مرحلة سيكون هناك مستفيدون من مجمل القطاعات الاقتصادية ولكن الحقيقة أن هناك تكنولوجيا ستدخل المنطقة وتتوطن بها من خلال ما سيتم تنفيذه من مشاريع وهناك انعكاسات كبيرة تفرض نفسها بتيسير إجراءات التكامل الخليجي خصوصاً أننا نعيش فترة انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي وهناك ملفات اقتصادية مهمة وكبيرة مطروحة أمامها وهي فرصة كبيرة لإزالة كل العقبات التي تقف في وجه تفعيلها وتطبيقها بأسرع وقت حتى يكون عامل الزمن في صالح اقتصاديات الخليج فهذه فرصة استثنائية لا تتكرر بسهولة وتعطي تميزاً للمنطقة بأن يكون لها نشاط اقتصادي إضافي بتأثير من بطولة كأس العالم بخلاف الدور الخليجي بالاقتصاد العالمي.