كنت كثيراً ما أتساءل: ماذا يريد القطريون عندما يضعون أنفسهم في موضع أراه أحياناً لا يتناسب مع حجمهم وإمكانياتهم كدولة صغيرة. الجمعة الماضية بصراحة تغيرت نظرتي إلى هذه الدولة التي استطاعت بإعجاز أن تلتقط الترشيح لكأس العالم لكرة القدم، ومعها المكانة العالمية المرموقة، من فم الأسد رغماً عنه؛ من أمريكا وليس من نيبال. كثيرون من لا يرون في أن تنظم دولة كقطر كأس العالم أي تميّز؛ أحدهم علق ببلاهة قائلاً: (الله واكبر كنهم جايبين راس غليص)، وكأن رأس غليص (المجزوز) إنجاز ما مثله إنجاز في ثقافة تكتنفها العنتريات (الدموية) من كل جانب. من لا يدرك عِظَم هذا الإنجاز بمقاييس اليوم فهو يعيش بجسده في القرن الواحد والعشرين بينما هو عقلية لا علاقة لها بالعصر؛ أي أنه يعيش في غياهب التاريخ، ويستقي منه قناعاته وقياساته، حتى وإن ركب (بانوراما) ألمانية آخر موديل، وسافر في (جامبو) أمريكية، ونسجت (شماغه) مصانع النسيج في بريطانيا، ونام في أجواء (مكيّف) تم استيراده حديثاً من اليابان. ولا أنكر أن مثل هؤلاء كثيرون بيننا؛ خصوصا وقد تسيّد توجيه الشباب في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، من ما زال يعتقد أن (الجن) إذا ما تلبسوا به قد يشاركونه في صناعة قراراته، فيوجهونها دون أن يدري. وأن ناطحة سحاب تمخر عباب السماء إذا تقصّدها (عائن)، أو بلغة شعبية (نضول)، فقصفها بنظرات حسده، ستخر من عليائها حتى تصبح على الأرض كالزجاج المطحون!
وفي الوقت الذي عادت فيه سيدة قطر الأولى الشيخة موزة إلى أرض الدوحة، معلنة (حضور) المرأة القطرية بقوة في هذا الإنجاز العالمي الكبير، ومحطمة في الوقت ذاته (التابوه) الاجتماعي المتخلف الذي كانت تعيش فيه المرأة في المملكة والخليج، كان هناك حوارٌ آخر يجري في جدة، وتحديداً في منتدى السيدة خديجة بنت خويلد عن مشاركة المرأة السعودية في التنمية. كان الحوار، وما تمخض عنه من توصيات، يُعتبر بارقة أمل حقيقية للخروج من قمقم العادات والتقاليد التي كبّلت المرأة، وسلبتها حقوقها الإنسانية المبدئية، وصادرت منها حتى الحق في تلمس رزقها. ورغم أن المنتدى شارك فيه وزراء وفقهاء وسيدات ورجال أعمال من مختلف الأطياف والمشارب، وكان منفتحاً على آفاق الآمال العريضة التي ننتظرها من التنمية، وخصوصا التنمية البشرية، وتخليص الإنسان السعودي من التخلف، خرج أحد (كبار) المشايخ في إحدى الفضائيات الحركية، وصرّح قائلاً: (الموضوع الذي تحدث عنه هؤلاء في شؤون المرأة هم - حقيقة - لا يمثلون المرأة السعودية، فهي بمعزل عن هذه الافتراءات التي يأتي إليها هؤلاء ويدعون فيها للاختلاط ويفسرون الاختلاط بأنه التلاحم الجسدي. هذه كلها أشياء المرأة السعودية والشعب السعودي لا يرضى بأن يمثله هؤلاء).. ولا أدري كيف اعتبر هذا الشيخ أن المشاركات في المنتدى، وعلى رأسهم سمو الأميرة عادلة بنت عبد الله إضافة إلى كوكبة من سيدات الأعمال، (لا يُمثلن) المجتمع السعودي؛ فهل في رأيه أن التي تمثل المجتمع النسائي - مثلاً - (هيلة القصيّر)؟!
ما حدث في مطار الدوحة، وما حدث في منتدى جدة، يصبُّ في الاتجاه نفسه. وإذا كان هذا الشيخ يعتقد أن بإمكانه الوقوف عقبة كأداء في طريق شعب يريد أن (ينمو)، ويتحضر، ويكون له مثل بقية شعوب العالم مكاناً مرموقاً تحت الشمس، فهو تماماً كوعل الأعشى الذي أوهى قرنه بمناطحة صخرة.
ملحق على جنب
يقول الدكتور محمد يحيى النجيمي إن فضيحته في الكويت كانت كذباً وزوراً. أقول: فضيحتك (المجلجلة) في الكويت مُثبتة بالصوت والصورة ، وليست مجرد ادعاءات كما تزعم، شاهدها على هذا الرابط:
http://www.youtube.com/user/aymansabet1#p/a/u/0/8A6zlb3gkqg
وعلى هذا الرابط:
http://www.youtube.com/watch?v=KJoSpEmeFBw&NR=1
ولن تفلت من فضيحتك هذه إلا أن تدعي - مثلاً - أنك كنت آنذاك (ممسوساً)، وأن الذي (اختلط) بالنسوة في الكويت كان (الجني) الذي جرى منك مجرى الدم وليس أنت. بهذه الطريقة (ربما) ستجد من جمهورك البسطاء والسذج من قد يجد لك عذراً !.. وأخيراً لك ولأمثالك أقول: إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة.
إلى اللقاء.