الناظر لها يشعر بأن كل إحباطات الدنيا قد اجتمعت في عينيها، (أم محمد) صامتة.. منكسرة, لا يبدو أن هناك سنداً حقيقياً يلوح في الأفق لتتكئ عليه لحجم الأعباء الكبيرة التي تتحمّلها هذه المرأة الصابرة.
كانت امرأة استثنائية, لكنها بدأت تُنهك.. تتعب، وتخور قواها.. لكونها تعول ثلاث أسر..! نعم (الرقم صحيح) ثلاث أسر.. منهم اليتيم, والمريض, والعاطل, يلفهم جميعاً فقر مدقع.
في بيت (أم محمد) أفواه عدة بين أبنائها السبعة، وأبناء ابنها الخمسة.. ثلاثة منهم يعانون مرضاً خطيراً في الدم، وأيتام آخرون لشقيقها المتوفى وزوجته.
(أم محمد).. تعمل براتب ضئيل (مستخدمة) في مدرسة حكومية بمدينة الرياض وراتب من الضمان الاجتماعي بحدود (1700) ريال يذهب جزء كبير منه لسداد قرض البنك الذي دفعته لسداد إيجار البيت الذي اضطرت لاستئجاره بمبلغ (24000) ريال لكي يستوعب كل هذا الحشد من الأسر الثلاث, مما يضطر (أم محمد) لأن تستدين حتى ريال الخبز صباح كل يوم تقريباً من زميلاتها في المدرسة, بل إن بائع بقالة الحي سئم من كثرة تسجيل ديونها، وهي حائرة بين تلك الأفواه من الأيتام, والقصَّّر، وأبنائها العاطلين وبين هذا الوضع المتفاقم.. الذي يشير إلى أنه ربما للماسأة بقايا أخرى في حياتها، وحياة من حولها، ولكنها على الرغم من كل هذا الصمت الذي يكتنف مسيرة حياتها.. تستحق أن يلتفت إليها من أهل الخير.. عبر «جزيرتنا الإنسانية».
بقي أن نقول إن تلك الشكوى لم تأت من أم محمد مباشرة لأنها ترفض ذلك بكل حزم، لكن هذا النداء جاء عبر عدد من معلمات مدرستها اللاتي يقفن على حالتها واحتياجها منذ سنوات.