الجزيرة- هبة اليوسف
مكثت شابة في مقتبل العمر مع ابنتها الصغيرة في حديقة عامة طوال ليلة البارحة تبحث بعينيها المتعبتين عن مكان لتنام فيه حتى أصيبت بنزلة برد حادة نقلت على إثرها للمستشفى فلا مأوى لهما بعد سجن زوجها، عاشت خلود أوقاتا عصيبة بعد غياب زوجها عنها حيث طردها أهل زوجها من منزلهم الذي كانت تسكن فيه وأخذوا جميع الأوراق الثبوتية وبطاقات زوجها خرجت بعدها ملتجئة لأهلها الذين خيبوا ظنها أيضاً..
بكت خلود بمرارة وهي تحكي قصتها ل(الجزيرة الإنسانية) بكت الألم وقسوة أقرب الناس إليها قائلة: منذ 8 أشهر وأنا أعاني الأمرّين ابتعاد زوجي عني وتشتت أسرتي إلى جانب تعامل إخوتي القاسي معي وكأنني أنا المذنبة لا يريدونني أن أخرج من المنزل, ضربوني وأهانوني ومنعوني من زيارة زوجي راغبين في أن أطلب الطلاق منه ورفضت رغبة مني في الوقوف إلى جانبه وعدم تشتيت أسرتي فزوجي شخص جيد عشت معه أجمل لحظات عمري ولو ابتعد عن أصدقاء السوء فستكون حياتنا جميلة.. فلماذا أتركه في هذه المحنة التي يمر بها وما كان من أهلي إلا أن قاموا بطردي وابنتي الصغيرة من المنزل.. لأسير في الشوارع هائمة لا أعرف أين أذهب.. ولا أين أنام ومن أين أطعم ابنتي التي كانت تسألني طوال الوقت عن موعد عودتنا للمنزل قائلة: (ماما متى نرجع للبيت.. أنا جائعة). ذهبت بعدها لبيت الجيران لأمكث عندهم عدة أيام حتى أرى ماذا أفعل, وتكمل بصوت مبحوح يملؤه الحزن: (اتصلت والدتي لتخبرني أنها بحاجة لغرفتي لذا قامت بجمع ملابسي ووضعها خارج المنزل طالبة مني أن آتي لأخذها) انهمرت الدموع من عينيها –
معبرة عن حرقة قلبها - تنهدت بعدها قائلة:
لا أعلم أين أذهب؟! ولا أستطيع أن أمكث عند الجيران أكثر من ذلك.
قررت خلود الانسحاب فبعد تلك المتاعب النفسية التي أرهقتها وقسوة المجتمع عليها واحتياجها المادي الذي أضعفها وأنهك جسدها لم تعد قادرة على الصبر أكثر من ذلك قائلة: إن لم أجد مكاناً سأترك ابنتي عند أعمامها وأذهب لدور رعاية الفتيات عَلِّي أجد من يحتضنني ويخفف آلامي.
وحول ذلك علَّق المستشار القانوني بجمعية حقوق الإنسان الأستاذ خالد الفاخري قائلاً: يجب على الأسر احتواء أبنائهم وبناتهم وعدم الضغط عليهم وهدم حياتهم الأسرية بسبب خطأ وقع فيه الطرف الآخر, فقد يكون السجن سبباً في تقويم سلوكه وبالتالي ابتعاده عن هذا الطريق كما يجب أن لا يصلحوا الخطأ بخطأ أكبر منه فالمرأة عاشت مع زوجها مدة طويلة ولديها القدرة الكافية على اتخاذ القرار المناسب دون تدخل الأهل وما عليهم سوى تفهم الوضع والوقوف إلى جانب ابنتهم ودعمها لا الضغط عليها ورميها لمجرد مخالفتها لآرائهم فيما يختص بحياتها الخاصة وهم بهذا التصرف يدفعونها للإجرام فطردها من المنزل يجعلها عرضة للضياع وهذا يفاقم المشكلة وبدلاً من أن تكون زوجة السجين تصبح سجينة وتضيع تلك الطفلة المسكينة بين أب أخطأ وأم أُجبرت على الخطأ.
مضيفاً: هنالك من الناس من يتعامل مع المرأة على أنها إنسانة ناقصة الأهلية, ليس لها أي رأي في حياتها, مسلوبة الحرية ومسلوبة الإرادة وهذا مخالف للشريعة الإسلامية، فقد أكرمت الشريعة الإسلامية المرأة وأعطتها مكانتها وأوصت الرجال بالنساء خيراً، فيجب مراعاة المرأة وإعطائها كافة حقوقها وعدم التدخل في شؤونها الخاصة، كما أن المرأة كالرجل لها حقوق وعليها واجبات ومثل ما أنها تحاسب وتُعاقب إذا أخطأت ولا ينوب عنها ولي أمرها في استحقاق العقاب ففي أمورها الخاصة وقراراتها الحياتية يجب أن لا يتدخل ولي أمرها فيها, فهي قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها.