عندما نشرت مصلحة الإحصاءات العامة نتائج الإحصاء العام للمساكن والسكان لعام 1431 - 2010م.. وأوضحت أن (4) مدن هي: الرياض، وجدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة قد تجاوز تعدادها مليون نسمة.. أعادتني هذه الإحصائية إلى ذاكرة بلادنا في أواخر السبعينيات الهجرية الخمسينيات الميلادية.. حين قفز ببلادنا الملك سعود بن عبدالعزيز -يرحمه الله- ونقلنا من مدن الحجر والطين إلى مدن حديثة في ذلك الزمن المبكر من المدنية الحديثة، حيث قام الملك سعود بإنشاء أحياء جديدة في مدينة الرياض هي: الناصرية والمربع الجديد والوشم، والملز والبحر الأحمر وحي الضباط وحي المطار، والعمل.. وبدأت تبرز العمارات ذات الأدوار المتعددة والفلل ذات الأسوار.. والعمارة ذات البلكونة والشوارع المرصوفة والشوارع الإسفلتية العريضة: العشرين والثلاثين والستين.
وكان الملك سعود -طيب الله ثراه- يقودنا إلى نقلة استيطانية جديدة بدأها المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- حين كانت موجودات البيئة تقوم على الحجر والطين.. وكان اقتصادنا متواضعاً.. وميزانيتنا موجهة للتوحيد وبناء البلاد.. فجاء الملك سعود بأفكار استيطانية عمرانية بانفتاحه على المحيط العربي والأوروبي.. وقاد ذلك إلى الاستقرار.. وساهم في زيادة عدد السكان وظهور المدن.. حيث بدأت تتشكَّل مدن يزيد تعدادها عن (100) ألف نسمة مثل الرياض، وجدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة التي تجاوزت في التعداد الأخير المليون نسمة... مرحلة الملك سعود التي عُرفت بالمرحلة الاستيطانية الثانية لأنها شهدت تغيُّراً سكانياً وعمرانياً بعد قرار الملك سعود نقل الوزارات والملحقيات والهيئات الحكومية والدولية إلى مدينة الرياض.. وإنشاء مطار الرياض.. وافتتاح جامعة الملك سعود كأول جامعة سعودية.. هذه المرحلة بحاجة إلى تدوين ودراسة وتوثيق لأنها تُعد أخصب فترات الاستيطان المعاصر فهي نقلة نوعية في تعداد السكان والعمران الذي مهَّد لظهور ونماء المدن المليونية الحالية.. والمدن المتوقع بلوغها المليون أو المدن شبه المليونية خلال العشر سنوات القادمة موعد التعداد القادم.. وهي المدن العشر بالمملكة: الدمام، (الهفوف - المبرز)، الطائف، تبوك، بريدة، خميس مشيط.. إضافة إلى المدن الأربع المليونية.. تدوين مرحلة الملك سعود الاستيطانية هي ضرورة للدراسات السكانية والاجتماعية والاقتصادية لرصد حالة النمو والتطور بالمملكة.. وهي فترة سبقت انتشار الجامعات والبحث العلمي.. فمن المناسب تسليط الضوء عليها.. وإبرازها لأنها تُشكِّل النواة الحضارية الأولى لتاريخنا الحضاري والثقافي في التاريخ المعاصر.