حينما يولد المرء ويكبر ويتجاوز الخمسين.. وتكون الصورة الظاهرة أمامه.. والحديث الذي يدور حوله.. والامتنان الذي يبديه أهله.. والأماني التي يعبِّر عنها مجتمعه.. والآراء التي يتكلّم بها الجالسون معه.. والرغبات التي يطالب بها بعض معارفه.. والأصداء التي يسمعها في محيطه.. تكون إما في جلِّها أو في طرف منها عن رجل واحد.. فماذا يمكن أن يسطر أو يقول هذا المرء عن ذلك الرجل؟
وحينما يُعْرف ذلك الرجل بالالتزام الدقيق في مواعيده.. والمثابرة الصارمة في عمله.. والذاكرة العجيبة لكل ما يمرّ به.. والمتابعة الدقيقة لتنفيذ توجيهاته.. والمعرفة العميقة بموضوعه.. والعدل الذي لا يميز فيه بين فقير وغني أو وجيه ووضيع أو مواطن ومقيم.. وزاد على ذلك ما يراه فيه من عقل راجح ومقام مهيب وقامة فارعة وملامح سمحة وابتسامة عريضة.. فليس أمام ذلك المرء سوى الانبهار والامتنان والشكر لله على أن أنعم على بلادنا بمثل ذلك الرجل.
عند الكتابة عن ذلك الرجل ليس من السهل الاتيان عنه بجديد.. وقد تناولته الأقلام بالذكر والثناء لأكثر من نصف قرن حاكماً لمنطقة نمت في عهده ألف مرة.. وكان دائماً راعياً لكل صغيرة وكبيرة فيها حريصاً مدقِّقاً في كل شأن من شؤونها.. فهو صانع حضارة ومشيِّد بناء وحافظ نظام.. فكيف يمكن لامرئ أن يكتب عن مثل ذلك الرجل ويفيه حقه.
عُرف بالحزم واشتهر بالوفاء.. فَتَح الباب على مصراعيه للصغير والكبير.. مع الحرص على المعالجة الفورية للقضايا المعروضة.. والتميز في الحنو على أصحاب الحقوق وإنصافهم.. والضرب بحزم وعزم على يد كل متجاوز على حقوق الناس.
هو المثقف القارئ للصحف المتابع لكل ما ينشر.. الراعي للثقافة وللتاريخ والعارف بالقبائل والعوائل والمهتم بعلم الأنساب.. المجاهد في مجال التنمية من إسكان وصحة وتعليم وأمن ومرافق وخدمات اجتماعية ورعاية إنسانية وخيرية.. حتى تجاوز حدود منطقته.. لينداح فكره التنموي ويشمل قضايا الوطن الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. والمحلية والدولية.
فإذا كانت النجوم تبزغ وتأفل.. والكواكب تشرق وتغيب.. والدول تنهض وتنهار.. والرجال يرتفعون ويهبطون.. فإن التاريخ لا يخلِّد إلا من ترك أثراً على أرض الواقع.. وسيدي الأمير سلمان بن عبد العزيز رجل ترك آثاراً على أرض الواقع جعلها الله في ميزان حسناته إلى يوم الدين.