في ظل محاولات منظمات الأعمال النمو في العصر الحديث تتعدد الإستراتيجيات لنجاحها، إما عن طريق إستراتيجية التمايز (الإبداع والاختلاف) أو إستراتيجية التشغيل المنخفضة للتكلفة، أو إستراتيجية السوق المحدد أو المركز. وما يدعم هذه الإستراتيجيات والمزود الرئيسي لها هي الموارد المالية والموارد البشرية والموارد المادية وغير الملموسة. فقد تتشابه المنظمات في الموارد ولكن بالتأكيد تختلف في الموارد البشرية وفي إدارتها للموارد البشرية وهي ما يعرفها جاكسون وماثيس بكتاب «human resource management» (الاتجاه لأنظمة المنظمة للتأكيد على أن المواهب البشرية تستخدم بفعالية وكفائه لتحقيق أهداف المنظمة) وهنا يذكر جيم كولينز في مقال «from good to great» (الأشخاص ليسوا هم أهم الأصول وإنما الأشخاص الصحيحيون هم كذلك) لذا فمقولة الرجل المناسب في المكان المناسب هي فعلا ما يجب على المنظمات الاستثمار فيه وتطويره ويضيفا عليها في الوقت المناسب بالجدارات المناسبة. وما يغيب على منظماتنا عند محاولة تحويل النحاس إلى ذهب وأعني بذلك الاختيار السيئ للعنصر البشري ومحاولة تطويره بعد ذلك (التدريب الجيد لا يعوض الاختيار السيئ) فتوهم المنظمة نفسها بالنجاح في ذلك عن طريق طلائها بالذهب (التدريب والتطوير) ولكن عند أدنى احتكاك يظهر لك الأساس الضعيف فتفشل في عمل النقلات النوعية للمنظمة لافتقارها للعناصر البشرية المناسبة لذلك. فظهرت محاولات كثيرة لإيجاد علاقات ترتبط بالأداء الوظيفي ومنها تصنيف شخصيات البشر المعتمدة على السلوك وقياس أثرها على الأداء الوظيفي مثل الشخصية الصباحية والمسائية ونمط الشخصية (أ) و(ب). ويعرف جرينبرج وبارون بكتاب «إدارة السلوك بالمنظمات» الشخصية (بذلك النمط المتفرد والمستقر نسبياً من السلوك ويبدو في فكر وعواطف الشخص).
وفي عام 1987 أبدع البروفيسور تايلور هارتمان في كتابه «the colure code» ومن ثم غير مسماه إلى the people code بنظرية لتصنيف الشخصية ليست معتمدة على السلوك وإنما على الدوافع المسببة للسلوك. فالشخصية ذات النمط (أ) تتصف بسلوك التسرع والعجلة ولكن الدافع وراء السلوك غامض فكيف نستطيع علاجه وهو ما فسره هارتمان بنظريته فهو يقسم البشر ذكوراً وإناثاً إلى أربعة أنماط «ألوان»:
1- اللون الأحمر وهو يعبر عن النار ويتسم ب»القوة - power» والرغبة بالانتقال المباشر من (أ) إلى (ب).
2- الأزرق وهو يعبر عن الأرض ويتسم ب»المودة - intimacy» والرغبة بالتواصل مع الآخرين.
3- الأبيض وهو يعبر عن الماء ويتسم ب»التوافق - harmony» وبالسلام والرغبة بخلق الانسجام.
4- الأصفر وهو يعبر عن الريح ويتسم ب»المرح - fun» والرغبة بالاستمتاع بالحاضر.
فكل شخص لديه خليط من هذه الألوان تتفاوت نسبها من شخص إلى آخر، والنسبة الأكبر تدل على لون الشخص والنسبة الأعلى بعد ذلك هي لون ثانوي. وليس هناك أفضلية للون على آخر فما يميز لونا معينا لا تجده عند الآخر وكذلك من ناحية الدوافع السلبية. ويؤكد البروفيسور على أن الشخصية تولد مع الأشخاص ولا يتم اكتسابها من البيئة أو الآباء والأصحاب وإنما تؤثر عليها لدرجة تصل إلى تغطية اللون الأساسي للشخص.
فماذا يضيف لك أو للمنظمة معرفة لونك؟ وهنا ما يميز النظرية لتايلور هارتمان حيث يضع لكل لون 15 دافعا يسهل على صاحبها التعامل معها وتطويرها إذا كانت ايجابية؛ فالدافع الاجتماعي ميزة يسهل الحصول عليها لصاحب اللون الأصفر، ويصعب على غيره اكتسابها أما إذا كانت سلبية فسيصعب التخلص منها مثل السذاجة. ولنعد قليلا لمثالنا عن السلوك فالتسرع والعجلة في الغالب سلوك سيئ وبمعرفة دوافعه نستطيع علاجه فقد يكون للرغبة الإنتاجية وهذه الشخصية الحمراء، أو قد يكون للرغبة بالمرح والمتعة وهذه الشخصية الصفراء. أما الدوافع الجيدة التي ليست لديه من الألوان الأخرى فسيصعب الحصول عليها ومن ثم تطويرها وبالعكس يسهل التخلص من مساوئها فالشخصية الحمراء غير اجتماعية فيصعب الحصول عليها ولكن السذاجة أو الغيرة يسهل التخلص منها.
فتطوير الدوافع الايجابية والتخلص من الدوافع السلبية بالتأكيد سيرفع من مستوى كفاءة الفرد وبالتالي يعود بالنفع على مستوى أدائه بالمنظمة.
وأختم هنا بسؤال لأصحاب المنظمة هل تضع موظف استقبال أو خدمات عملاء أو مسوقا ذا نمط شخصية حمراء؟ أو هل تضع محاسبا ذا نمط شخصية صفراء؟