بدأ العام الدراسي الجديد وكان من أهم الموضوعات التربوية التي توقفت عندها طويلا وأنا أرقب طوابير الطلاب وهم يسارعون الخطى إلى مدارسهم موضوع «علاقة الطالب بالمعلم»، خصوصا بعدما وصل إلى مسمعي اعتداء طالب على معلمه ومن ثم سلبه نقوده في إحدى مناطق المملكة، وعلقت على الخبر بأن هناك خللاً ما في العلاقة أفقدت المعلم الاحترام اللائق به وافقدت الطالب ماكان يرجوه من حسن التعامل وعدم التعالي عليه» وتساءلت ما الذي يريد الطلاب من معلميهم في العام الدراسي الجديد؟ فأدركت الإجابة، وأنا المعلم في الميدان التربوي بأن الطلاب لا يحتاجون من المعلمين أكثر من «الحب»، فعندما يكون الحب هو الرابط في العلاقة بين المعلم وطلابه فهذا يعني أنهم قد أحبوه وأحبوا المدرسة وأقبلوا على طلب العلم والمعرفة بجدية وتصميم وستكون العلاقة بين الطرفين قائمة على الاحترام والتقدير والشعور بالاعتزاز مدى العمر.
يقول أحد علماء التربية المسلمين المعروفين ابن جماعة: «وكذلك ينبغي على الأستاذ أن يرحب بالطلبة إذا لقيهم، وعند إقبالهم عليه، ويكرمهم إذا جلسوا إليه، ويؤنسهم بسؤاله عن أحوالهم وأحوال من يتعلق بهم، وليعاملهم بطلاقة الوجه وظهور البشر وحسن المودة وإعلام المحبة وإضمار الشفقة».
كلام جميل ينبغي أن يكون هديا لكل معلم يريد أن يصل إلى عقول طلابه ولن يكون له تحقيق أهدافه التعليمية والتربوية إلا إذا تمكن من الدخول إلى قلوبهم ولن يلج إلى قلوبهم إلا عبر ابتسامة صافية يشع لها محياه وبواسطة كلام جميل يشعرهم بأنهم كأبنائه ومن خلال العطاء الصادق المصحوب بالتعامل الذي ليس فيه غلظة ولا شدة ولا تعنيفا ولا قسوة يدرك وصية النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- «عليك بالرفق فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» ويعرفون هدي نبيهم نبي الرحمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين قال (من لا يرحم لا يُرحم).
لهذا يجب أن يعرف كل معلم بأن «المعلم الناجح» في نظر الطلاب هو من يدرك بأنه صاحب رسالة، يلم بمبادئها ويعرف كيف يؤدي واجباتها، ويظهر لهم من خلال أخلاقه الرفيعة ؛بأنه القدوة لهم في سلوكياتهم «فالطلاب أعينهم معقودة بمعلمهم» فهو «المربي» وكلمة المربي كلمة عظيمة ترفع من شأن صاحبها إذا أعطاها حقها والتزم بآدابها وقام بواجبها وعلم أن هناك أساليب ووسائل بديلة للعقاب قد يكون أثرها أنجح من الضرب بالعصا وغيرها من أدوات العقاب، وأنه لن يستطيع أن يغير من الأمر شيئا بل سيحصد نتائج باهرة متى استخدم أساليب التحفيز والتشجيع واقترب من طلابه وتمكن من ملامسة أحاسيسهم ومحادثة مشاعرهم وعندها سنلحظ من طلابنا من يحقق مقولة شوقي «قم للمعلم وفه التبجيلا» لأنه لمس من معلمه كل المعاني السامية والتعامل المثالي فهل نفعل؟