تقع مدينة (جوثنبرج) ثاني أكبر مدينة في السويد بعد العاصمة ستوكهولم، في أقصى الجنوب، وتطل على بحر الشمال، وسكانها حوالي نصف مليون نسمة، يخترقها خليج صناعي من الشمال إلى الجنوب، ويقال: إنها أسست من قبل أحد ملوك السويد في عام 1621م،
وكان يحيط بها سور ارتفاعه ستة أمتار، وخليج صناعي عرضه يقارب عشرة أمتار، تم حفره لأسباب إستراتيجية وليساعد على الدفاع عن المدينة عند الهجوم عليها من أعدائها، ولا يزال الخليج قائماً إلى اليوم، وتعبره قوارب السياح، أما السور فلم يبق منه إلا أجزاء يسيرة، وقد تم ترميمها، وتعتبر من المعالم السياحية للمدينة. وفي مدينة جوثنبرج تقع مصانع شركة فولفو الشهيرة للسيارات، وتغطي حوالي 70% من مجموع السيارات المستخدمة في السويد.
ويلاحظ الزائر لمدينة جوثنبرج أن أسعار المواد الغذائية مرتفعة نسبياً، أما المواصلات فميسرة، فهناك قطارات كهربائية تربط جميع أجزاء المدينة، تنطلق من محطاتها كل عشر دقائق، ويمكن التحول من قطار إلى آخر حتى يصل الراكب إلى المكان الذي يريد، وأسعارها معقولة ومقبولة، وهناك حافلات (باصات) تمر بانتظام في شوارع المدينة، أما السيارات الخاصة فقليلة جداً ويبدو أنها مكلفة، ويبدو أن سعر الوقود مرتفع جداً، والشارع مقسم إلى مسار للقطار، ومسار للحافلة والسيارة، ومسار للمشاة، ومسار للدراجات الهوائية، ومسار المشاة يرسم عليه بالدهان الأبيض شخص في يده طفل صغير، ومسار الدراجات الهوائية يرسم عليه دراجة، أما القطار فله قضبان ويرتبط من أعلاه بالتيار الكهربائي الذي يمثل طاقة حركته الرخيصة نسبياً.
ورغم ما اشتهر عن السويد من حرية جنسية فإن العين لم تقع على أي منظر يخدش الحياء في شوارع المدينة، وفي القنوات التلفزيونية التي نشاهدها في الفندق، وسكان المدينة فيهم طيبة وأريحية وتسامح، وتعلو وجوههم الابتسامة، ويمكن أن يقدموا المساعدة لكل من يطلبها، استوقفت سيدة تجاوز عمرها السبعين عاماً لأسألها عن عنوان مصرف متخصص، فعادت معي حتى أشارت إلى المصرف ثم واصلت سيرها، ومواقف السويديين من عدالة القضية الفلسطينية واضحة، فهم يؤازرون الحق الفلسطيني، ويعارضون غطرسة إسرائيل وجرائمها ضد الفلسطينيين.
وقد اختارت الجمعية العالمية لعلم الاجتماع هذه المدينة لتكون مكاناً لعقد مؤتمرها السابع عشر، وكان صباح الأحد 12 جولاي 2010م مخصصاً للتسجيل في المؤتمر، وقد تم الحجز لضيوف المؤتمر في فندق أبراج جوثا، وهما برجان مرتفعان، ومن أشهر فنادق المدينة، وملحق بهما مركز مؤتمرات عملاق احتضن فعاليات المؤتمر، وقد تمت عملية التسجيل بيسر وسهولة، فقط كان هناك عشرون متطوعاً من جامعة المدينة للقيام والمساعدة في مهمة التسجيل، وكان الحضور يقدرون بخمسة آلاف شخص، وقد سجل معظمهم في اليوم لأول، وقد كان هناك ممران لمركز المؤتمرات في الفندق، وضع عند كل ممر شخصان للإجابة عن الاستفسارات، وكان لا يسمح للشخص بالعبور ما لم يكن معلقاً على صدره بطاقة المؤتمر التي تحمل اسمه، ونوعية عضويته في الجمعية العالمية لعلم الاجتماع.
أما مساء يوم الأحد فقد خصص لحفل الافتتاح، وقد تم في قاعة عملاقة تتسع لما يزيد على ثلاثة آلاف شخص، وتوالت الكلمات في حفل الافتتاح من مسؤولي المدينة ومن الجمعية العالمية لعلم الاجتماع، وقد لفت انتباهي كلمة دبلوماسي سويدي عمل في منصب بارز في الأمم المتحدة، وكان زوجاً لسيدة تحمل الماجستير في علم الاجتماع، وعن طريقها تعرف على بعض أعلام علم الاجتماع في العالم، وركز في كلمته على أن علماء الاجتماع يجب أن يركزوا اهتماماتهم على ثلاث قضايا مهمة:
1- الهجرات الجماعية بين الدول وما يصاحبها من معاناة وصعوبات وما يتبعها من آثار.
2- قضية الفقر في العالم.
3- قضايا البيئة.
وكانت تلك القضايا من أهم القضايا التي تم طرحها ومعالجتها من قبل لجان المؤتمر المختلفة، وذكر ذلك الدبلوماسي أن الصيف من أبرز الأسباب التي تجعله يزداد حباً لوطنه، أما الشتاء فيعتبر من أبرز أسباب البحث عن الخدمة في الخارج، وفي هذا إشارة إلى جمال الصيف في السويد، وقسوة وبرودة الشتاء فيه، كما قدم في حفل الافتتاح لوحات فنية شعبية من قبل خمسة أشخاص، وكان من ضمن ما تم تقديمه أغنية عراقية مطلعها (هي وهاي وهو)، ويبدو أن المشاركين في تقديم تلك اللوحات ينتمون إلى أعراق مختلفة من العالم العربي وإيران وأوروبا، وهذا ينسجم مع طبيعة المؤتمر الذي يركز على علم الاجتماع ودراسة الشعوب والثقافات والتفاعلات المختلفة.
أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام رئيس الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية -