|
صدر عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة من الإصدارات المحكمة كتابٌ بعنوان: تأثيرات الهدن بين المسلمين والصليبيين، للمؤلف الدكتور: محمد بن عبد الله الشويعر.
ويتناول هذا الكتاب تأثير الهدن بين المسلمين والصليبيين على المجتمع في بلاد الشام ومصر في عصر الحروب الصليبية التي دامت نحو قرنين من الزمان أي من سنة 490هـ - 1097م إلى سنة 690هـ - 1291م.. وهذا هو من الموضوعات الجديدة والجيدة في مجال دراسة هذه الفترة التاريخية المهمة من تاريخ أمتنا المجيد؛ حيث إن أغلب الدراسات السابقة التي عالجت مثل هذا الموضوع تناولت جوانب الصراع من حيث النواحي العسكرية، كما أن الدراسات التي تناولت الهدن اقتصرت على ذكر بنودها والظروف التي أحاطت بعقدها دون الحديث عن تأثيراتها المتعلقة بها، حيث امتدت آثارها إلى مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وانعكس ذلك على المجتمع الإسلامي والصليبي في بلاد الشام ومصر.
ويُعد هذا الموضوع أيضاً أحد الموضوعات المهمة الجديرة بالدراسة في تاريخ فترة الحروب الصليبية، حيث شهدت تلك الفترة صراعاً عسكرياً قوياً بين المسلمين والصليبيين، حيث صاحبه هدن واتفاقات تمت بين الجانبين، وكانت هذه الهدن لها تأثيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية.
ويتطرق هذا الكتاب إلى كشف التأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية لتلك الهدن على الجانبين الإسلامي والصليبي.
واعتمد المؤلف في هذا الكتاب على المصادر العربية المعاصرة لتلك الفترة، والمتأخرة نسبياً عنها، وكذلك المصادر الأجنبية المعاصرة سواء المترجم منها أو غير المترجم، كما اعتمد على الكثير من المراجع العربية والأجنبية ذات الصلة بالموضوع.
ويتناول هذا الكتاب عدة فصول هي:
الفصل الأول: التأثير السياسي للهدن بين المسلمين والصليبيين على المجتمع في بلاد الغزو الصليبي حتى وفاة صلاح الدين.
الفصل الثاني: التأثير السياسي للهدن بين المسلمين والصليبيين على المجتمع في بلاد الشام ومصر منذ وفاه صلاح الدين إلى سقوط عكا.
وبرز التأثير السياسي لهذه الهدن وهو وقف الحروب بين الطرفين وعدم الاعتداء على بعضيهما البعض، وكذلك سلامة المدن من الحصار ومن ثم الهجوم عليها، وإراحة الجيوش من عناء الحروب الطويلة، وتخفيف العبء على الجانبين من حيث الإمدادات اللازمة لتلك الجيوش.
الفصل الثالث: التأثير الاقتصادي للهدن بين المسلمين والصليبيين على المجتمع في بلاد الشام ومصر.
ويتجلى الأثر الاقتصادي في التبادل التجاري الذي تم بين المسلمين والصليبيين في بلاد الشام، حيث كانت القوافل التجارية تسير بأمن وأمان، وتتردد بين المدن الإسلامية والصليبية في بلاد الشام ومصر، دون أن يعترض طريقها أحد، وانتعشت الحركة التجارية بين تلك المدن فترة عقد تلك الهدن.
الفصل الرابع: التأثير الاجتماعي والفكري للهدنة بين المسلمين والصليبيين على المجتمع في بلاد الشام ومصر.
ويتجلى التأثير الاجتماعي للهدن الإفراج عن الأسرى بين الجانبين، حيث كانت شروط تلك الهدن تضمن سلامة الأسرى من الرق والعبودية، كذلك كانت تلك التأثيرات تضمن سلامة السكان في المدن والقرى من الإبادة والأسر أو الهجرة إلى أماكن أخرى.
أما التأثير الفكري لتلك الهدن فكان أبرز تأثيراته ما حدث للعلماء والشعراء والعامة عند عقد تلك الهدن، فكانت بعض الهدن تواجه رفضاً من العلماء أو ردة فعل من الشعراء، وقد حدث ذلك أثناء عقد بعض الهدن مع الصليبيين وكان أهمها هدنة الملك الكامل محمد الأيوبي مع الإمبراطور فردريك سنة 626هـ - 1229م، والتي بموجبها تم تسليم القدس، فحرَّكت هذه الهدنة مشاعر بعض العلماء والشعراء ومنهم سبط بن الجوزي، عندما جلس في جامع دمشق بأمر من الملك الناصر داود صاحب دمشق.. ويُذكر الناس بأهمية القدس ويلوم الملك الكامل على تفريطه بالقدس للصليبيين.
أما الشعراء فكان لهم دور في التعبير عن مشاعرهم عن تلك الهدن سواء كان بالرضا على عقدها.. أو بالرفض لها.
وقد أفرزت تلك الهدن تغييراً في كتابتها وصياغتها وبعض شروطها، وذلك في فترة الحروب الصليبية منذ بدايتها وحتى نهايتها.
ويأتي صدور هذا الكتاب تأكيداً لدور مكتبه الملك عبدالعزيز العامة في نشر الثقافة والمعرفة في المجتمع، ودعماً منها للمكتبة العربية، وذلك لإنارة الطريق أمام الباحثين والمتخصصين للاستزادة من هذا الجانب.
وللمؤلف عدد من الكتب، الصراع السياسي في اليمن، وكتاب قواعد الحوار الفعَّال بالمشاركة مع الأستاذ: عبد الله الصقهان وهو من إصدارات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
محمد الفيصل