ما يجده الفن التشكيلي من الاهتمام المادي والمعنوي، وأعني هنا الاهتمام في جانب الاستثمار.. أو ما يتلقاه التشكيليون من دعوات من مؤسسات ذات مكانة وقيمة في مجالها أو على مستوى المجتمع لإقامة المعارض في مقارها الرسمية أو المشاركة في مناسباتها التي تحظى بالحضور على أعلى مستوى من الشخصيات مع ما يُعد لهذا الفن من مساهمات في مجال العمل الخيري.
لكن ما لم يكن يخطر على البال.. أو كان مستبعداً لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها كونها ذابت في التحرك الحالي والمتمثل في الإقبال على اقتناء الأعمال الفنية من قبل المؤسسات أو الأفراد، ومع أن هذا التحرك وما يعنيه من قيمة وتقييم لواقع التشكيلي المحلي نتيجة قناعة هؤلاء بالفنانين وما يقدمونه من أعمال تنافس الآخرين.. بل وتتميز عن ما كان يستورد، إلا أن الأساليب المتبعة في التعامل مع هذا التوجه يشوبه الكثير من القصور والخوف من أن يكون له أثر عكسي قد يتسبب في ابتعاد المقتنين أو المقبلين عليه من المسئولين في المؤسسات المتخصصة بتجميل المرافق أو المنشآت الجديدة المتمثلة في الأبراج التي أصبحت تعانق الغيوم وتتجاوزها، هذه الأسباب أو تلك تتمثَّل في ضعف قدرات من يُوكل إليهم إعداد معرض أو اختيار أعمال أو تنظيم معارض لنقص في خبرتهم.. إضافة إلى جانب آخر لا يقل خطورة حينما يقوم بعض من يُكلف بمثل هذه المهام بدعوة الأقربين له من الأصدقاء والمعارف من التشكيليين دون النظر إلى مستواهم الفني.. جامعين فيه الغث بالثمين.. مقدمين بها طبقاً نشازاً بين أعمال بدائية تنقصها التجربة وتفتقر لأدنى مقومات الأعمال الحقيقية التي تستحق أن تكون واجهة للفن التشكيلي أمام المقتنين.. إن كانوا أفراداً أو حينما توضع في مؤسسات يشاهدها زوارها أو مرتادوها من المراجعين.
هذه الأساليب ليست جديدة والكثير من التشكيليين خصوصاً من الكبار (سناً) المخضرمين الذين عايشوا فترات سابقة ولحقوا بالحاضر.. شهدوا على ما يحدث من قيام بعض من يكلف بتأمين لوحات لجهة أو مرفق بالمقاولة على تلك الأعمال.. خصوصاً إذا كانت كثيرة العدد فيضيع فيها الصالح بالطالح بأن يكلف من عهد له بتأمينها رسامين غير سعوديين تسجل عليها أسماء سعودية مستعارة حتى لو كتبت ثلاثية فلن تبعت الشك.. ومن المؤسف أن يستمر هذا التعامل أو الأسلوب في وقت كثرت فيه الأسماء وأسست فيه مؤسسات تُعنى بالفن التشكيلي واستحدثت إدارات وأقسام في جهات ذات علاقة بهذه الفنون منها وكالة الشئون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام التي تضم إدارة عامة للنشاطات منها قسم للفنون التشكيلية يقوم على إعداد وتنظيم المسابقات.. إضافة إلى الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ولجانها التشكيلية في مختلف مناطق المملكة، أما الأكثر تخصصاً والمعني بهذا الفن.. فهي الجمعية السعودية للفنون التشكيلية التي وضعت لخدمة هذا الفن والفنانين، هذه اللجان والجهات لديها إلمام بمختلف الفنانين وبأساليبهم ومستوياتهم الفنية تتحمل أي تقصير أو خلل وتحاسب عليه عكس ما يمكن أن يحصل عن مؤسسة تجارية لا علاقة لها بالفنون لا من قريب ولا من بعيد، يقوم عليها أفراد تنقصهم المعرفة والإلمام بما يجب أن يمثل الفن السعودي على حقيقته. ولنا مثال في أهمية أن يُوكل العمل لأهله او للمختصين فيه من المؤسسات الرسمية التي أشرنا إليها حينما تعاونت وكالة الشئون الثقافية مع وزارة التعليم العالي وحظيت الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بتعاون مماثل مع التعليم العالي ومع وزارة الدفاع ممثلة في كلية الملك فيصل الجوية.. حظيت الجمعية من هذا التعاون بعلاقة تعتز بها ما زال أثرها متواصلاً حققت الجمعية به انتشاراً وتعريفاً بدورها..
هناك فرق بين التسويق للأفراد وبين تجميل مرافق الدولة التي تحتاج للدقة في الاختيار وشمولية الدعوة