أيها السائل عني ..
هاكَ صوتي من بعيد
كنتُ طفلاً أو أميراً
يطأُ الشوكَ ويصمتْ
ثم يغفو حالماً فوق جسر الذكريات
ثم يكبو في أسى
أيّ شيءٍ هي تلك الذكريات
أهي كأسٌ مسكرة ..؟
ربما ..
عندما أبكي أراها مثل برقٍ من بعيد
بردها يطفئ حرّاً في المآقي قد يطول
هل أقول
كلّ ما كنت أراه؟
ربما أبكي وتبكي لو أقولْ
حسناً..
عندما كنت صبياً مثل بدرٍ
لم أكن أعرف أني متّهمْ
كنت أحكي ما أراه
غير أنّ الناس قالوا يا خبيث .. !
لم أكن أعرف حتى يا خبيث !
نصحوني في الملأْ
لم أجبْ..
كنت أهوى الصمتَ خوفاً أن يقال
لم يتبْ..
نسجوا حولي رؤىً كان شخصٌ قد رآها في المنام
زعموا أني سأقضي ميِّتاً عما قريبْ
بعد أن مات صديقي خفت حقاً..
كنت أقسو عندما أمضي إلى بيت العبادةْ
كنت أبكي وأنوح
غير أني لم أجد حولي صديقاً ..!
ذهبوا..
صرت مثل المطربين التائبين !
سأل الأصحابُ عني عندما قصّرتُ في فعل السنن
فجأةً
وجدوني غارقاً في كتابٍ فلسفيٍ لأرسطو
نصحوني باحترام !
صرت أحكي مثلما كنت في السابق أحكي
لم يكن فوق جَنْبيَّ رقيبٌ يمتطيني
لم أكن أخشى الرجال الشاحبين
فوق متن البحر صرنا أصدقاء
والتقينا بين صبحٍ وضحى.. فانسجمنا..
فصلونا في المساء
كان مثلي في الصفات
شاعرٌ.. يحملُ بحراً من دموع
صامتٌ.. تنطقُ عنه مسحة الحزن الدفينةْ
يا سفينةْ
هل بدت منا خطايا
ربما أو
لست أدري
قال لي:
هل نسافر ؟
نحن في فصلِ الشتاء
والمدائن صامتةْ
والشواطئ في الخليجِ حمامةٌ بيضاء تلهج بالهديلْ
سرنا معاً ..
ورجعتُ وحديْ
وصديقي الملتاعُ نام ولم يفق بعدُ من حبٍّ
سيصبحُ من قبيل الذكريات