|
قراءة - د. حسن أمين الشقطي
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 6457 نقطة رابحا حوالي 112 نقطة (1.8%).. وتأتي هذه الزيادة في ظل العديد من المحفزات الإيجابية التي برزت هذا الأسبوع ، التي استجاب السوق لبعضها، في حين أنه لا يكون قد استجاب للبعض الآخر حتى الآن منها.. فقد تخلل هذا الأسبوع قمة دول مجلس التعاون بأبوظبي التي تمخضت عن صدور العديد من القرارات الاقتصادية التي أدت إلى تفاؤل بمد مزيد من جسور التعاون التجاري والاقتصادي بين دول المجلس، وخاصة في ظل قرار السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس، وتطبيق المساواة التامة في معاملة فروع هذه الشركات معاملةَ فروع الشركات الوطنية.. وهي القرارات التي يفترض أن تفتح شهية الشركات السعودية المتطلعة إلى السوق الخليجية.. فما هي هذه الشركات؟ وما هي تأثيرات هذا القرار الجديد على نتائج أعمالها؟ أيضاً لا تزال أسعار النفط تحوم حول 90-91 دولارا للبرميل.. بشكل يعد داعما قويا لقطاع البتروكيماويات، ولكن ألا تعتبر استجابة القطاع حتى هذه اللحظة أقل من مستوى الحافز؟ أما المحفز الجديد الذي بدأ يثير شهية شركات الأسمنت والعقارات والمقاولات، فهو فوز قطر بتنظيم مونديال كأس العالم لعام 2022م، وهو الفوز الذي بدأت تتحرك معه شركات الأسمنت صوب جني مكاسب حصة تصديرية رئيسية في الطلب على الأسمنت الذي يتوقع أن يشتق من الطلب على بناء واستكمال البنية القطرية لتلبية متطلبات تنظيم البطولة.. فما هو تأثير هذا الطلب الجديد على نتائج أعمال قطاع الأسمنت؟ وما هي الشركات السعودية المحتمل أن تستفيد أكثر عن غيرها من هذه الحصة السوقية الإضافية؟ بل ما هو أهم: هل ستسمح وزارة التجارة في ظل الظروف الحالية للسوق المحلية لشركات الأسمنت بالتصدير؟ أما المحفز الآخر الذي يدعم استقرار سوق الأسهم، فهو استقرار مؤشر الداو جونز عند مستويات فوق 11300 نقطة.
إن هذه المحفزات التي ظهرت مع بداية هذا الأسبوع تقريبا أدت إلى إيجاد توقعات لتسيير مسار صاعد جديد لسوق الأسهم المحلية.. وتكاد بعض هذه التوقعات تجزم بأن هذه المحفزات قادرة على استعادة أجزاء مهمة من السيولة المتداولة الضائعة التي افتقدها السوق منذ فترة ليست قصيرة.. إلا أن تداولات هذا الأسبوع الأخير على الرغم من أنها شهدت ربحية للمؤشر، إلا أن هذه الربحية بقيم هذه السيولة لا تتماشى مع حجم التوقعات بمسار صاعد جديد، فلماذا؟ وهل الفترة المقبلة يمكن أن يشهد السوق استعادة لنشاطه في ضوء ربما أقوى محفزات ليس للاقتصاد ولكن لعدد كبير من القطاعات والشركات المدرجة بالسوق؟
فرص الشركات السعودية في كعكة التجهيز للمونديال بقطر خلال الخمس سنوات المقبلة
إن فوز قطر بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 يأتي في ظل تقديم تعهدات بتوسيع وصيانة أجزاء أساسية في البنية التحتية للدولة، التي تصب في طريق سعي قطر لإقامة أوسع خطة تشييد وبناء خلال فترة زمنية قصيرة بمنطقة الشرق الأوسط, التي تشير التقديرات إلى تجاوزها حوالي 100 مليار دولار بمعدل 20 مليار دولار سنوياً بدءا من 2011م.. هذه الخطة لا مفر من حصول الشركات الخليجية على الحصة الأكبر فيها.. وخاصة للحصول على الخامات الثقيلة اللازمة لتنفيذ هذه الخطة.. ويعتبر السوقان السعودي والإماراتي هما الأقرب جغرافيا والأقدر سوقيا (حجما) على تلبية هذه الخامات والاحتياجات الإنشائية.. لذلك يعتقد أن المنافسة الأشد ستكون بين الشركات السعودية والإماراتية في الحصول على النصيب الأعلى في هذه الخطة التشييدية الضخمة.. ومن المتوقع أن تتضمن هذه الخطة إقامة العديد من المشروعات الضخمة، التي من أبرزها شبكة سكك حديدية بقيمة تصل إلى 25 مليار دولار, ومطارا جديدا بتكلفة 11 مليار دولار، وميناء عميقا بتكلفة حوالي 5.5 مليارات دولار.. فضلا عن إنشاء 12 ملعبا مكيفا لكرة القدم, فضلا عن الاحتياج إلى تجهيز شبكة إضافية لتعزيز الكهرباء.. إن كل التوقعات تؤكد أن هذه الخطة ستتطلب طاقات إنتاجية تفوق حدود الشركات القطرية من الأسمنت أولا والحديد ثانيا، وشركات التشييد والبناء والعقار والمقاولات ثالثا.
الطلب القطري المتوقع والمكاسب المحتملة لقطاع الأسمنت
أولا تجمع كل التوجهات على قبول الجهات المعنية بشكل أو بآخر لمطلب شركات الأسمنت بمنع الحظر على تصدير الأسمنت.. فالشروط الحالية لتصدير الأسمنت بشكلها الحالي يمكن أن تضيع على شركات الأسمنت السعودية فرصة ذهبية للتوسع الخارجي وتحسين وصيانة خطوط إنتاجها نتيجة وجود طلب كبير محتمل ومجدول على منتجاتها من قبل السوق القطرية.. بالطبع سيكون هناك تنافس بين الشركات الإماراتية والسعودية في تصدير الكميات المطلوبة من الأسمنت للسوق القطرية.. ولكن طبيعة ثقل المنتج وارتفاع تكاليف نقله، ربما تعزز من تنافسية الشركات السعودية الأقرب جغرافيا للحدود القطرية، التي تتمثل بشكل أساسي في شركات الأسمنت التي توجد مصانع لها بالمنطقة الشرقية، ولا سيما الأسمنت السعودية، وأسمنت المنطقة الشرقية، وأخريات.. هذا ويتوقع أن تصل قيمة صادرات الأسمنت المطلوبة للسوق القطري خلال السنوات الخمس المقبلة ما بين 15- 20 مليار دولار إجمالا (تقديرات الكاتب)، وتأمل الأوساط الاقتصادية السعودية أن تنال الشركات السعودية الحصة الرئيسية من هذه الصادرات.. وعليه، فإن شركات الأسمنت المحلية المتداول أسهمها بسوق الأسهم يتوقع أن تواجه طلبا إضافيا على منتجاتها، الأمر الذي يتوقع أن يحسن من أدائها ونتائج أعمالها للعامين المقبلين تحديدا.
سياسة التحالف قد تكون السياسة الأفضل لكسب الحصة الرئيسية في الطلب القطري
لو افترضنا نظريا أن قيمة الصادرات المطلوبة سنوياً للسوق القطري تصل إلى حوالي 2-3 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، أي ما يعادل 7-11 مليار ريال سعودي، وهي تمثل طلب كميات كبيرة تفوق حدود الطاقات الإنتاجية لأي من الشركات المحلية المنتجة للأسمنت منفردة، التي لا يزيد إنتاج أيا منها على 6 مليون طن سنويا.. من هنا، فإن هناك فرصة لإقامة تحالفات استراتيجية بين عدد من شركات الأسمنت المحلية، على أن تضم الشركات المتحالفة تلك الشركات السعودية الموجودة في منطقة الحدود القريبة من السوق القطرية (شركات الأسمنت بالمنطقة الشرقية).. هذه التحالفات يمكن أن تضمن أكبر قدر ممكن من الحصة السوقية للشركات السعودية، فضلاً عن زيادة قوتها التفاوضية في الحصول على أعلى سعر ممكن.
قرار المساواة في معاملة فروع الشركات الخليجية..
في طريق زيادة فتح الحدود والتوحد التجاري والاقتصادي، فقد أقرت قمة أبو ظبي خطوة أكثر في اتجاه زيادة جوانب السوق الخليجية المشتركة، بحيث أقرت المساواة التامة في معاملة فروع الشركات من كل دول مجلس التعاون معاملة الشركات الوطنية، وهو الأمر الذي سيتيح للشركات السعودية إنشاء فروع لها في دول مجلس التعاون الخمس الأخرى بسهولة، بحيث تكتسب نفس حقوق الشركات الوطنية هناك.. بما سيعزز من مقدرة الكثير من الشركات السعودية من اختراق أسواق جديدة ويضعها على قدم المساواة مع الشركات الوطنية في أسواقها.. إن السؤال الذي يثير نفسه: أي من الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم ستكون الأكثر استفادة من هذا القرار الجديد؟
إن هذا الأمر يتطلب مزيدا من البحث والدراسة لتحديد الأنشطة والقطاعات التي ستفيد بشكل أكبر من هذا القرار.
محلل اقتصادي