المقاولات تعيش مخاضا صعباً في هذه الفترة المهمة من حياة الاقتصاد في الوطن وكونها تشكل الداعم الاقتصادي الثاني بعد البترول واستثمرت فيها الدولة ورجال الأعمال مبالغ كبيرة جدا وسنوات طويلة من الخبرات المتراكمة إلا أنه لم تتهيأ لها الظروف المناسبة والجو الصحي السليم الذي تعيش فيه وتترعرع بكل قوة واقتدار وكان يجب أن يكون في مرحلة تصدير هذه الخدمات لكثير من الدول العربية والإسلامية للاستفادة من رأس المال الهائل المستثمر فيها ومن الخبرات الكبيرة لبعض الشركات السعودية وكذلك الاستفادة من قروض الصناديق السعودية التي تمنح للدول ويفترض أن تنفذ هذه المشاريع بشركات سعودية كما هو معمول به في أغلب الدول المانحة للقروض والهبات للدول ذات الاقتصادات المنخفضة والتي تشترط الدول المانحة أن تكون مساعداتها وقروضها لهذه الدول عبارة عن مشاريع حيوية يستفيد منها المواطن فعليا في هذه الدول وتستفيد شركات الدول المانحة في تنفيذ هذه المشاريع حيث تكون مشروطة بذلك بدلا من منحها إلى شركات ورجال أعمال أجانب وبالتالي نحقق الهدف من المنحة بأن تصل مباشرة للمواطن في الدولة الممنوحة، وكذلك يستفيد منها اقتصاد الدولة المانحة.
وقد جربت الدولة في إسناد مشاريعها لبعض الشركات الأجنبية والتي كان من المتوقع أن تعمل على تغيير كامل في مستوى تنفيذ المشاريع المطروحة في هذه الطفرة الاقتصادية الاستثنائية بحجة تأخر بعض الشركات الوطنية في تنفيذ بعض المشاريع وتعثرها إلا أن هذه الشركات الأجنبية سجلت تأخرا كبيراً في تنفيذ المشاريع الموكلة لها وبعضها تعثر مثلما تعثرت بعض الشركات الوطنية مما يثبت لصناع القرار أن المشكلة ليست في شركات المقاولات السعودية وحدها وكما أثبتت تقارير بعض الجهات الرقابية أن المشكلة في الأنظمة والعقود وبيئة العمل مما جعل الآمال تتعزز عندما بدأ المسؤولون يعون المشكلة ويعملون بتوجيهات ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين لدراستها والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها ليستفيد الوطن من جميع المشاريع التي خصصت له برفع مستوى الخدمات والرقي بمستوى المواطن إلى مصاف دول العالم الأول وهذ لا يعني أن نحمل كل القصور على الأنظمة والعقود وبيئة العمل ونعفي بعض المقاولين من أي مسؤولية فهم شركاء في العمل والمسؤولية وليست جميع الشركات والمقاولين مثاليين وإنما كأي قطاع أعمال منهم الجيد والمتوسط والرديء ولكن لنخلق الجو المناسب والصحي والعادل ثم نحاسب المقصر بل نستبعده من هذه المهنة عندما يتأكد لنا أننا أدينا ماعلينا وأن القصور والإهمال منه وحده ومن بشائر الخير لهذا القطاع هو العمل على تحسين وتعديل الأنظمة لتتماشى مع هذه المرحلة والمراحل القادمة وماصدر من توجيهات من مجلس الوزارء بالقرارات رقم 23 ورقم 151 والتي حددت إستراتيجية عامة وكلفت بعض الوزارات بدراسة وضع المقاولات وحل العوائق التي تعيق عملها وتطورها فقامت وزارة المالية بدراسة تطوير عقد المقاولات الحالي والذي يشتكي منه جميع المقاولين بلا استثناء بالإضافة إلى الجهات صاحبة المشاريع حيث إنه عقد أقل مايقال عنه إنه غير متوازن ولايحفظ الحقوق ولا يطبق العدالة بين الأطراف المتعاقدة وبه من الثغرات والقصور ما يجعله غير مناسب لهذه المرحلة والعقد الجديد كما أعلم في مراحله الأخيرة لتطويره وشموليته كذلك وزارة التجارة تدرس حاليا إمكانية إنشاء هيئة للمقاولين لتكون مرجعية لهذا القطاع لتطويره والرفع من مستواه بما يخدم الدولة ويخدم القطاع مثل تدريب السعوديين في مجال المقاولات ورفع مستوى التنظيم والإدارة وخلق اندماجات وتكوين كيانات كبيرة لتنفيذ المشاريع النوعية والكبيرة وحل مشاكل القطاع واستبعاد غير الكفؤ من المقاولين وتوفير الضمانات والقروض اللازمة الخ.. لأن المقاولات حاليا بدون مرجعية ولا تختص بها وزارة معينة من وزارات الدولة أو هيئة مختصة بها كذلك وجه المقام السامي الكريم لتشكيل فريق من وزارة التجارة ومجلس الغرف السعودية والجامعات لإيجاد الحلول المناسبة للصعوبات والعوائق التي تعيق تقدم هذا القطاع. أيضا يجري دراسة إيجاد صندوق للمقاولين أسوة بالصناديق الحكومية المتخصصة.
كل هذا المخاض عندما يولد عنه مولود سليم معافى وسليم وهيئت له بيئة صحية سليمة فإنه سوف يعيش قويا بمعنى أن قطاع المقاولات يجب تصفيته من العوائق والشوائب وسوف يظهر لنا عندئذ الشركات الجيدة القابلة للاستمرار؛ ومن ثم يتم استبعاد الشركات غير القادرة على الحياة في هذه البيئة السليمة لأن بعض العوالق لا تعيش إلا في البيئة الملوثة وسوف تنتهي لا محالة عندما نغلق جميع أبواب الأعذار والشكاوي والشعور بالضرر والإهمال بل وستصدر هذه الخدمات إلى الدول الأخرى ونحن قادرون؛ كما حدث لبعض الشركات السعودية في الثمانينات من القرن الماضي عندما أنجزت بعض المشاريع في الدول الأخرى وكانت مشرفة ورائدة.
والأمل معقود على الجهات التي وجهها المقام السامي للعمل على تنفيذ توجيهاته وتطوير هذا القطاع.
رئيس لجنة المقاولين بالغرفة التجارية في أبها