هناك البعض منا كسعوديين من رواد المقاهي والاستراحات والخيم ومفترشي الأرصفة وأصحاب الهوى والبعض الآخر من الأدباء والمثقفين والكتاب والمحللين من يمارس ببشاعة وإدمان أسلوب التنظير الكلامي وهو أسلوب واهن كسول ليس به مثالية ولا واقعية ولو بشكل طفيف أو متواضع، إن هؤلاء المنظرين السلبيين يتذمرون من كل شيء في المشهد الحياتي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأنظمة والقوانين والتشريعات، ينتقدون كل شيء باسترخاء فنتازي عدمي وبأنهم سيفعلون العجائب وسيملؤون مواقد الحياة جمراً بعد أن ملئت رماداً - حسب رأيهم القاصر - وذلك لو كان بأيديهم زمام المسئولية والريادة والقيادة، غير أن الغرابة تتفجر من أن طموحهم العالي هذا لا يتعدى - حناجرهم - وذلك الاسترخاء الباهت المصاب بالعجز والكسل عن إنجاز رسم دائري صغير ناهيك عن عمل ما بإمكانه أن يضيف للحياة شيئاً ولو بقدر، إن هؤلاء - المنظريين - أيا كانوا ينطلقون من معطيات هلامية تخون الواقع الحياتي والإبداع الوجودي، تلك المعطيات التي سولها ووفرها لهم خيالهم لسبب بسيط وواضح وجلي هو وجودهم خارج دائرة المسئولية الحياتية والريادية، فكونهم غير مسئولين يجعلهم في حل من الالتزام تجاه أي شيء وبالتالي فإن هذا يتيح لهم التكلم بما يشاءون ويريدون ويرغبون ويأملون، إنني لا أطالب بإلغاء دور النقد ووظيفته إذا كان نقداً هادفاً ومسئولاً، لكنني ضد النقد (السولفجي)، إن النقد المعبر هو أحد الأسس الرئيسية في بناء الحياة والناس، لكنني في المقابل لا أريد أيضاً أن يلغي أحدنا كما يفعل - التنظيريون - كل الجهود الساخنة التي بذلت ولا تزال تبذل من أجل إذكاء الحياة وبريقها وتطورها واشتعالها ونموها وتطورها وفق متطلبات المرحلة، الذين يحاولون إلغاء جهود الآخرين أو يستهينون بها عليهم أولا أن يتقدموا بما لديهم ليشاركوا في البناء والتطور والرقي ومقارعة الآخرين، لا أن تقتصر جهودهم على التذمر والشكوى، كما أن المطلوب من هؤلاء - التنظيريون - أن يشعلوا مواقد الحياة بالحراك المجدي النافع السمين، وأن يكفوا عن لعن الظلام كما يقول - المثل الصيني - وأن لا يحاولوا إطفاء الشموع عندما تتقد، لأنهم بذلك يكونون قد مارسوا عادة سلبية سيئة بلعن الظلام والنور معا.