كثيرون الذين كتبوا عن الشأن السياحي في بلادنا بين مؤيّد في كتاباته وبين منتقد. وكل منهم يطلب من البلديات والمحافظات إصلاح المواقع لمرتاديها من السيّاح المواطنين والمقيمين وتهيئة الخدمات اللازمة، كما تختلف المدن والمحافظات في جهودها بين متحمّس ومقصّر في تقديم الخدمات في المواقع السياحية لمن يرتادها.وأنا هنا لن أتحدث عن مقوّمات السياحة في بلادنا.. هل هي مهيأة.. وهل هي متكاملة أم لا.. وما هي معوّقاتها وعن دور المدن والمحافظات في تفعيلها..؟ ولعلّ هذا يكون في مقال قادم إن شاء الله. بل سوف يكون حديثي عن ثقافة المواطن السعودي في الاستفادة من الخدمات السياحية وطريقة استخدامها.في صيف هذا العام عزمت وعائلتي على قضاء إجازتنا في ربوع منطقة الباحة التي أحب زيارتها والتمتُّع بجوّها العليل وأهلها الكرماء بأخلاقهم وتعاملهم. وفي ذات يوم السبت: 18-8-1431هـ كنت وعائلتي في زيارة لأحد المنتزهات في محافظة بلجرشي في منطقة الباحة، حيث حضرنا في وقت مبكر وفي موقع يحتوي على أربع مظلات عُملت لنزول العائلات وبجوارها مجموعة من ألعاب الأطفال ونزلنا في واحدة منها.. وبعد أن أمضينا فيها وقتاً ممتعاً في سرور وحبور ونحن نحتسي القهوة والشاي ونقوم بصنع الكبسة والأطفال يلعبون ويمرحون في الألعاب، إذا بمن جاءوا إلينا من الرجال يطلبون إخلاء المكان, وعندما استوضحت الأمر منهم قالوا إنهم وضعوا قطعاً من الفرش في المظلاّت الثلاث المتجاورة منذ الليلة الماضية بقصد حجزها لهم. ولكني فاجأتهم بالسؤال عن أحقيتهم في حجزها ومنع غيرهم من الجلوس فيها. فأجابني أحدهم بأنهم حجزوها من أجل ضيوف لهم. وعندما أخبرتهم بأنّ تلك المظلات من المواقع المشاعة للجميع وهيأتها البلدية للمصطافين ولا يحق لأحد أن يحجزها عن الغير.. خاصة وأنتم من أهل المنطقة الذين وجدنا منهم كرم الضيافة وحسن المعاملة. فوجئت حينها بمن يخاطبني منهم بقوله (يا أخي.. من سبق لبق) أي أن من سبق إلى الشيء فهو أحق به.ثم أخذت وقتاً من أجل أن أقنعه بأنه لا يجوز الاستيلاء على هذه الخدمات التي هيأتها بلدية المحافظة لمن يقدم من خارجها لأجل التمتُّع بجوّها العليل وخدماتها المتوفّرة. وأنّ عليه الترحيب بالضيوف وتمكينهم من الجلوس في الأماكن المخصصة لهم. ولكنه أصرّ على أنّ تصرفه هذا صحيح.هذا ما يواجه السائح السعودي في بلادنا سواء في التعامل، أو في نقص الخدمات والإمكانات السياحية التي تستطيع البلديات توفيرها. مع صادق الود والمحبة.