منذ أن عرف الإنسان التعبير عما بداخله على شكل شعري أو تعبيري وهو يصف محاسن المحبوب أو غيرها ومحاسن الطبيعة ومفاتن الجمال في كل ذلك، وقد كان للعيون نصيب وافر من هذا التعبير فقد تفنن الشعراء في تصويرها شعراً حتى إن بعض بيوت الشعر باقية وخالدة تتناقلها الأجيال وتحفظها جيلاً عن جيل مثل بيت الشاعر:
إن العيون التي في طرفها حورٌ
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
واستمر الشعراء يتغزلون بالنساء وجمال عيونهن دون اعتراض طيلة العصور إلى يومنا هذا، بل إن سحر العيون هو نبع ثر ومصدر من مصادر الإلهام الشعري إلا أن اليوم ليس كالأمس فها هي العيون أصبحت ممنوعة في الأسواق والأماكن العامة - أقصد عيون النساء- لأنها تجلب الفتنة، وقد اختلف أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هل كل العيون غير مجازة أم بعضها التي تدعو للفتنة، وأصبحت العيون من اختصاص الهيئة والقائمين عليها والعاملين بها، وأصبحت هناك عيون مجازة وأخرى لا يسمح بإظهارها أمام الملأ، ولا نستغرب أن يظهر لنا إعلان في الأيام القادمة تطلب فيه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن وظائف شاغرة لأخصائيات أو أخصائيي لغة وفقه لإجازة القصائد التي فيها ذكر العيون فإن كانت تدعو للفتنة لا تجاز، وإن كان ذكر العيون لا يدعو لفتنة تجاز فكيف سيفعل الشعراء حينها بالتأكيد سيبحث الشاعر عن ألفاظ تصف العيون دون فتنة أي سيقتل الموهبة التي لديه إرضاء لمن يجيز القصائد أو يعزف عن هذه القصائد التي تتغنى بالعيون أو يترك الشعر بتاتاً إرضاء للهيئة.
نذكر ذلك غير غافلين عن محاسن الهيئة ولكن كثرت الأفعال غير اللائقة من بعض أعضائها فكثرة التدخل بكل شاردة وواردة وبما يعنيهم أو لا يعنيهم سيدفع ولاة الأمر إلى إلغاء الهيئة أو ضمها إلى الجهاز الأمني لتقنن أفعالهم والله ولي التوفيق.