نظام ساهر.. بدا فعلاً يسهر على أمن وسلامة المواطنين.. وإذا سألني شخص عن أهم الأحداث التي تمت خلال عام 2010م فسأقول وبارتياح وثقة كبيرة أنه النظام الإلكتروني لإدارة وحركة المرور بالمملكة.. ولا أرى سبباً وراء الاحتجاج عليه أو وجود خلل فني أو سوء تقدير لعمله، وما أراه هو
نظام عصري حديث من أفضل الأنظمة التي طبقتها إدارة المرور وغيرها من الأجهزة التتبعية الأخرى في الدولة.. فهو نجاح بكل المقايسس، والنتائج هي المحك الأساسي لهذا النجاح..
النظام سنجد أنه يسعى إلى مجموعة من الأهداف، من بينها تحسين مستوى السلامة المرورية، من خلال توظيف أحدث التقنيات المتقدمة عبر تقنيات النقل الذكي.. ولربما أهمها تطبيق أنظمة المرور بدقة وفعالية وبشكل موضوعي.. كما يدعم هذا النظام مفهوم الأمن العام وسلامة الناس وحسن استخدام الطريق والمركبة..
وإذا نظرنا إلى مجمل الحوادث المرورية في المملكة سنجد أنها تعكس أرقاماً خطيرة لا نتصورها أو نتخيلها، فقد وصلت عدد الحوادث المرورية في عموم المملكة في عام واحد فقط (1429هـ) إلى حوالي نصف مليون حادث، بواقع حادث لكل خمسين فرد (مواطن ومقيم). وقد بلغت حالات الوفاة إلى ستة آلاف وخمسمائة في العام الواحد، بواقع 18 حالة وفاة يومياً، وبواقع إصابة أو إعاقة واحدة في كل خمس عشرة دقيقة.. وبخسائر مادية فاقت ثلاث عشرة مليار ريال سنوياً.. هذا المشهد العام يعد مخيفاً إلى درجة حتمت على القائمين في الأمن العام وممثلاً في المديرية العامة للمرور بشكل خاص في التفكير في وضع آليات تقنية تسهم في وقف هذا النزيف البشري والمادي على الطرقات السعودية.. وشكل نظام ساهر أفضل الحلول وأنجعها..
ونحن من أبناء وبنات هذه البلاد والمقيمين فيها نسعد بهذا النظام الذي يسعى إلى تحقيق أفضل معايير السلامة المرورية على الطرق واستخدام أحدث التقنيات المتقدمة، ويمكن العاملين من أداء أعمالهم، ورفع مستوى أدائهم في مجال العمل المروري، وخاصة أنه برنامج متكامل يحقق ويقدم العديد من الخدمات، ومنها:
- مراقبة حية للحركة المرورية.
- إدارة حركة المرور.
- سرعة معالجة الحالات المرورية.
- رصد حي للحالات والحوادث المرورية.
- ضبط المخالفات وإشعار المخالف بالمخالفات في أسرع وأقصر وقت ممكن.
وخاصة ما يتعلق بضبط المخالفات والانتهاكات التي نشاهدها يومياً على الطرقات، ونشعر بالعجز حيالها نتيجة غياب الدوريات المرورية.. ولكن مع هذا النظام أمكن متابعة حركة المرور وضبط المخالفات بصورة موضوعية..
وفي نظري أن السرعة هي السلاح الأول القاتل على طرقاتنا، ويليها الاستهتار بقطع الإشارات المرورية، وجميع هذه يعود مردها إلى الاستهتار بالأرواح والممتلكات، وغياب الرادع الأمني، وعشعشة تفكير سقيم في أذهان بعض الشباب بإثبات هويته من خلال السرعة أو التفحيط أو قطع الإشارة.. ويتوقع هذا الشاب -الذي نحبه كمجتمع ومؤسسات وأسرة أكثر مما يحب نفسه- أن إثبات الشخصية أو الهوية هو عن طريق إحساس مزيف لديه أن سرعته على الطريق أو قطعه للإشارة سيلحقها تصفيق من الحضور أو إعجاب من مرتادي الطريق..
نحن اليوم نشعر أننا في أمان وسلامة أكثر مما كنا قبل تطبيق نظام ساهر، ونحمد الله أن هذه الأمنية قد تحققت في ظل توجيه سمو الأمير نايف بن عبدالعزيزالنائب الثاني وزير الداخلية ومتابعة سمو مساعده الأمير محمد بن نايف.. فقد انتقلنا من حالة أشبه ما تكون بالفوضى المرورية إلى حالة ضبط وتقصي وأمان ومسؤولية.. ولا شك أن الرادع الأمني سيكون هو العامل الحقيقي والفاعل الذي يجب أن ينال من يخالف ويهدد أمن وسلامة الناس..
كما أن الرادع المادي سيصبح هو عاملاً ناجحاً للعمالات التي تقود معظم العربات في طرقاتنا، حيث إن دفعها لغرامة مالية قابلة للتضاعف من شأنه أن يضبط سلوكياتهم المرورية ويعزز انضباطيتهم على الطرقات..
وأخيراً، فما نحتاجه هو زيادة الجرعة من كميرات المراقبة وأجهزة الرادارت في جميع طرق المملكة ودخولها إلى الأحياء السكنية، وباقي مدن المملكة الأخرى، حتى يصبح النظام هو الأساس الذي نربي عليه أبناءنا وبناتنا منذ الصغر وإلى أن يصبحوا مسؤولين في حياتهم العامة، بما في ذلك مسؤولية القيادة الآمنة لأنفسهم وأسرهم ومواطنيهم..
* * *
(*) المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود