مضى إلى الله.. لما اختاره اللهُ
عبدٌ أقام على مرضاةِ مولاهُ
مضى إلى اللهِ موفور الشبابِ.. فما
أقسى الفراقِّ وأشجاهُ! وأضناهُ!!
مضى إلى اللهِ.. والآمالُ ترقبه
وكلُّنا نتمنى لو فديناهُ
عشرون مرَّت كمثل الحُلمِ.. وا لهفي
على الزمانِ ونُعماهُ وريَّاهُ!!
جَرعتُ قلبك أحزاناً مفجِّعةً
ومثلَ حزنِك لا شيءٌ عرفناهُ
لله ذاكَ الفتى!! تُشجي شمائلُه
وتطربُ النفسُ إن عُدَّت سجاياهُ
محببٌ لقلوبِ الناسِ أجمعِهم
كأنما في قلوبِ الناس سُكناهُ
تراه مبتسماً في وجهه ألقٌ
تكاد تنطقُ بالأشواقِ عيناهُ
في طاعة الله مذْ أقدامُه درجتْ
وفي دروب الهدى والخيرِ مسعاهُ
يزيْنه الخُلُقُ العالي.. ويرفعهُ
صفاؤه.. ومعانيهِ.. وتقواهُ
وبرُّه.. وسلوا أماً به فُجعت
تخبرْكُمُ.. كان يرعاها وترعاهُ
الطيبُ منبتهُ.. والفضُ معدِنهُ
والحقُّ طِلْبتهُ.. والمقصدُ اللهُ
رأيته في جلالِ الموتِ أخشعَ ما
يكون.. والنورُ يبدو من ثناياهُ
قبَّلْتُه في جبينِ الطُّهر.. أعرفهُ
ذاكَ الجبين.. فما أحلى محيَّاهُ
نبكيه ما طلعتْ شمسٌ وما غربتْ
وما تأرَّج في الأرجاءِ ذكراهُ
يبكيه إخوتُه شوقاً لرؤيته
والبيتُ تذكره دوما زواياهُ
يبكيه مسجدُه المحزونُ في لهفٍ
يبكيه محرابُه.. يبكي مصلاَّهُ
هذي حروفي.. وآلامي تبعثرها..
هي العزاء لقلبي.. وهْي سلواهُ
كتبتُها بدموعي في محبَّته
وهل يُلام محبٌ بثَّ شكواهُ؟!
عليه أفضلُ ما صلَّى به أحدٌ
من العبادِ على مَيْتٍ.. وأزكاهُ
أنا له الله رضواناً ومغفرةً
وأكرمَ الله في الجناتِ مثواهُ