لقد جاءت أزمة إيرلندا لتزاحم مسلسل الأزمات المتتابعة والمتلاحقة لزلزال الأزمة المالية العالمية التي هزت العالم وبخاصة ًدول اليورو واحدةً تلو الأخرى فما كاد ينسدل الستار عن أزمة الديون اليونانية لتأتي أزمة إيرلندا الآن تستكمل مسلسل الصعوبات الهائلة التي ترتبط بسداد الديون والتي تنذر بانزلاق دول أخرى للسقوط والانهيار نظراً لتشابه ظروف الأسواق فى هذه الدول «كالبرتغال وإسبانيا»، فمشاكل الديون اليونانية قد أدت إلى ارتفاع كلفة الإقراض لدول إيرلندا والبرتغال وإسبانيا، مع زيادة كبيرة في العائد على سندات الدين الحكومي في الأسابيع الأخيرة ولكن وضع البرتغال سيكون أفضل من إيرلندا، في مواجهة الأزمة لأنها لن تحتاج إلى طلب قروض فى المستقبل القريب، حيث إن البنوك البرتغالية تبدو فى وضع أفضل بكثير من القطاع المصرفى الإيرلندي، كما أن المصارف البرتغالية تعتمد في تمويلها على البنك المركزى الأوروبي منذ أواخر الصيف الماضى، وهذا ما يجعلنا نتوقع للبرتغال أن تواجه الأزمة باطمئنان بما لديها من حصن مالي، وكذلك إسبانيا نتوقع لها وضعاً أفضل حالاً من إيرلندا واليونان والبرتغال أيضاً حيث إن وضع القطاع المصرفي الإيرلندي يواجه أزمة مالية متفاقمة مع تدفق الودائع إلى الخارج رغم تلقيه 45 مليار يورو (61.5 مليار دولار) من المساعدات الحكومية، وقروضاً بقيمة 130 مليار يورو من البنك المركزي الأوروبي وحده.
مما أدى إلى استنزاف الدعم الحكومي للمصارف الموازنة الإيرلندية التي يتوقع أن يبلغ العجز في ميزانيتها نسبة 32 بالمائة من الناتج الإجمالي الداخلي لعام 2010 وهو أعلى 10 مرات من الحد الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء وأكثر ثلاثة أضعاف من العجز في الميزانية اليونانية.
ووفقاً لتقديرات الحكومة فإن تكلفة إعادة إصلاح ودعم القطاع المصرفي قد تتطلب نحو 50 بليون يورو بل وقد تزداد إلى 80 بليون يورو، بينما ارتفع مستوى القروض لدى البنوك الإيرلندية من البنك المركزي الأوروبي بنحو 7.3 % لتصل إلى 130 بليون يورو في نهاية الشهر السابق أو ما يمثل 80 % من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما حمل الحكومة الحالية على اللجوء إلى تقشف غير مسبوق عبر حزمة من الإجراءات لتعيد بناء اقتصادها مرة أخرى، وهي الخطة التى وصفها البعض ب»المؤلمة»، لصعوباتها التي كادت تصل إلى حد الإفلاس الوطني فى البلاد، ومن ثم تعاني إيرلندا عدم قدرتها على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة تمكنها من مواجهة هذه المشكلات الاقتصادية.
ولذا يجب الإسراع بإعداد خطة لتدبير حزمة من المساعدات الدولية لإيرلندا.
كما يجب تطبيق عقوبات محددة على الدول التي لا تلتزم باللوائح الأوروبية من أجل استقرار اليورو حيث إن الأوضاع المتردية في إيرلندا والبرتغال قد دفعت سعر «اليورو» إلى التهاوي مرة أخرى بعد خمسة أشهر من التحسن مقارنةً بالدولار الأميركي، متسببة في تأجيج مخاوف المستثمرين وأسواق الأسهم سواء داخل أوروبا أو خارجها.