مازالت الأندية تعاني من مشكلة دائمة ومكلفة ومعقدة .. والمتمثلة بعقود اللاعبين الأجانب وما أفرزه قرار لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم والمتمثل ب(عدم الموافقة على تسجيل أي لاعب أجنبي جديد ما لم تكن هناك مخالصة مالية نهائية مع اللاعب الأجنبي المنهى عقده)..
والمشرع لهذا القرار أراد حفظ حقوق اللاعب الأجنبي من التلاعب والمماطلة وبالتالي درء كثرة الشكاوى إنْ على المستوى المحلي أو على مستوى السفارات الأجنبية أو على مستوى الاتحاد الدولي (فيفا)، حيث كثرت قبل هذا القرار الشكاوى والمراسلات بين الاتحادين السعودي لكرة القدم والدولي (فيفا) إذ وصلت القضايا في هذا المنحى داخل أروقة محاكم (الفيفا) لأكثر من عشرين قضية = حسب المصادر الإعلامية = وملايين الدولارات كمتطلبات مدينة للاعبين أجانب تجاه أندية سعودية..!! وبعد تطبيق هذا القرار وامتثال الأندية للسداد إجباراً برغبة الحصول على موافقة تسجيل جديدة انتهت الشكاوى، لكن الأندية تشعر بالغبن والحسرة والإذلال عند محاولة الحصول على مخالصة اللاعب الأجنبي بهدف الحصول على موافقة لجنة الاحتراف بتسجيل لاعب بديل من خلال ابتزاز واضح وصريح من اللاعب الأجنبي المدعوم بقرار محلي..
وحيث إن الأندية تتذمّر من القرار الذي وقف لترجيح مصلحة اللاعب الأجنبي مقابل الإضرار بمصلحة النادي السعودي الذي يدفع كامل المستحقات المتبقية كرواتب شهرية للاعب لم ينته عقده ولا يرغب النادي استمراره، بل يهدف للوصول لاستثمار ما تبقى من عقده من خلال عرضه على أندية (داخلية أو خارجية) وبالتالي الحصول على مردود مالي جراء ما دفعه من تكاليف لناديه السابق وله شخصياً وكذا تكاليف ما صرف له من رواتب وما أنفق عليه من مصروفات عدة (تذاكر ومواصلات وسكن وتدريب وغيرها) وذلك بعد بيع عقده في (سوق اللاعبين) كما هي الحالات في أغلب الدول..!! بل ربما كان اللاعب متحايلاً ومدعياً بسبب عدم ارتياحه النفسي، وبالتالي مقصراً ومتلاعباً بسبب ضمان ان النادي سينهي عقده ويكافأ نظاماً ببقية مستحقاته الشهرية.
وأمام هذا الوضع أصبح لدينا ناد مغبون يبحث عن مصلحة مالية لما تبقى من فترة العقد (برؤية استثمارية) ولاعب أجنبي يبحث عن مستحقات نظامية وفق عقد رسمي، ولجنة احتراف ترغب في سد باب الشكاوى مع الاتحاد الدولي ومحاكم (الفيفا)..!!
كما يدخل أيضاً في ذات المنحى طرف خامس غير (الاتحاد الدولي = فيفا = والاتحاد السعودي = لجنة الاحتراف = واللاعب الأجنبي والنادي السعودي) والطرف المعني هنا الرئاسة العامة لرعاية الشباب والتي تحرص على عدم تورُّط إدارات جديدة مترشحة لمجالس الإدارات القادمة بتركات مالية ثقيلة لمجالس إدارات راحلة ومستقيلة لن يجبرها أي قانون بالسداد لما خلّفته من عقود والتزامات كبيرة تجاه لاعب أو عدة لاعبين سيثقلون كاهل الأندية والإدارات الجديدة بأخطاء لم يقترفوها أو يلتزموا بها.. إذ إن قرار لجنة الاحتراف المذكور يكفل عدم مواجهة الإدارات الجديدة لتلك المعضلة والعقبة الكأداء في حالة تواجد (لاعبين بقائمة الاستثمار وانتظار العروض) لكنه لا يحمي الإدارات الجديدة من تركة موسم سابق رحلت فيه الإدارة وتركت لاعبيها الأجانب المسجلين دون معالجة لأوضاعهم (سواء كانت عقودهم قائمة أو منتهية)..!!
وأمام هذه المصالح المتضاربة للعديد من الأطراف أسوق مقترحاً ناجعاً وحلاً ناجحاً وآلية ممنهجة تكفل لجميع الأطراف تحقيق الأهداف دون تضارب بين المصالح حيث يتحقق:
1- حصول اللاعب على كامل حقوقه المتبقية من رواتب وأي التزامات.
2- حصول النادي على موافقة لجنة الاحتراف بتسجيل أكثر من لاعب جديد وضمان الحصول على فرصة استثمار عقد اللاعب الذي لا يتوافق مع رغبات النادي الفنية وطموحاته المستقبلية والمنهي تسجيله ضمن القائمة فقط (دون إنهاء عقده)..
3- عدم تورُّط أي إدارات قادمة بأي تركات مالية من إدارات مستقيلة.
4- عدم مواجهة الاتحاد السعودي لأي شكاوى.
5- عدم مواجهة الاتحاد الدولي لأي شكوى في أروقة محاكمه الرياضية.
والحل يتمثل بالآتي:
(أي ناد يتوصل إلى قناعات فنية بأن اللاعب الأجنبي الذي تعاقد معه لن يستفيد منه وليس بمستوى الطموح والآمال أو تعرّض لإصابة معيقة بل ربما تقصير من اللاعب وتحايل لإنهاء عقده أو أي تعليل آخر ويرغب في حذفه من قائمة اللاعبين الأجانب المسجلين في قائمته مع أنّ عقده لم ينته ويرغب في الحصول على موافقة تسجيل لاعب بديل = خلال الفترة النظامية = (واستثمار عقد اللاعب القضية..!!) عليه أن يقوم (النادي) بتحرير إقرار موثق ومصادق عليه من اللاعب والنادي ولجنة الاحتراف وينص هذا القرار على: إجمالي ما تبقى للاعب من رواتب شهرية = وهي المستحقات المتبقية من مدة عقده الأساسي - ويرفق بهذا الإقرار شيك مصدق بالمبلغ المالي الكلي والمستحق لنهاية العقد ويودع بصندوق مالي خاص يستحدث بلجنة الاحتراف يسمّى (حساب ضمان الحقوق المالية للاعبين الأجانب) كما يقر النادي رسمياً بتفويض اللجنة بالحسم من المبلغ (راتب نهاية الشهر) إلى أن ينتهي العقد أو يباع العقد لناد آخر.
(وبهذه الآلية تحقق هدف المشرع بلجنة الاحتراف وهو ضمان المستحقات للاعب الأجنبي)
وبعدها يقوم النادي بالعمل على تهيئة ظروف التدريب للاعب إنْ محلياً وإنْ خارجياً = حسب اتفاق الطرفين النادي واللاعب (وفي حالة مماطلة اللاعب وتحايله وتقصيره المتعمّد سيجد نفسه مجبراً على طلب إنهاء عقده لا أن يكون النادي مكافئاً له ومحققاً هدفه وأطماعه) أو أن يقوم بعلاجه في حالة إصابته = وفي نهاية كل شهر تقوم لجنة الاحتراف بإيداع الراتب الشهري بحساب اللاعب بعد ورود إفادة رسمية من النادي بأن لا ملاحظات على الحسميات أو غير ذلك من المخالفات الموجبة للخصم النظامي.
(وهنا تحقق حفظ حقوق اللاعب وضمانها بحسابه شهرياً إلى نهاية عقده أو إلى أن يبيع النادي عقده)،
كما أن على النادي أن يجتهد ووكيل اللاعب وكافة السماسرة بتسويق اللاعب محلياً وخارجياً من أجل استرداد بعض خسائره وربما كامل ما صرف عليه بل ربما أكثر من ذلك، فالنادي هنا بسوق (بورصة اللاعبين) وله الحق النظامي في الاستفادة طالما بقيت مدة من عقده الأساسي مع اللاعب.
(وهنا تحققت مصلحة النادي مالياً واستثمارياً وحفظت حقوقه وتمت حمايته من ابتزاز اللاعب).
وبضمان الحقوق المالية لأي لاعب أجنبي بصندوق لجنة الاحتراف تكون الرئاسة العامة لرعاية الشباب قد ضمنت أن لا تلاعب ولا تركات مورثة تثقل كاهل الإدارات الجديدة من تصرفات وقرارات إدارات مستقيلة.
(وهنا تحقق هدف الرئاسة العامة لرعاية الشباب)..
وبهذه الآلية المحققة لأهداف الأطراف الأربعة (لجنة الاحتراف والنادي والرئاسة واللاعب) لن تكون هناك أي قضايا على طاولة المحاكم الرياضية أو أي جهات أخرى محلية أو خارجية..
(وهنا تحقق هدف المشرع في نظام الاتحاد الدولي = فيفا =)..
* مثال تطبيقي لحالة وكيفية التنفيذ:
- نادي (الهدف) تعاقد مع اللاعب الأجنبي (كارلوس) بمقدم عقد خمسة ملايين دولار (مقدم عقد ثلاثة ملايين لناديه ومليون له) وراتب شهري خمسون ألفاً (50000) دولار ومدة العقد ثلاث سنوات.. وبعد خوضه التجربة في الدوري ومضى الفترة الأولى (أربعة أشهر فقط) اتضح (رداءة مستواه أو عدم تكيفه مع الأجواء أو تعرّضه لإصابة معيقة تحتاج لعلاج طويل أو نشوء خلاف فني مع المدرب أو أي أمر يستوجب استبداله).
(هنا الخسائر فادحة للنادي = مقدم عقد خمسة ملايين دولار + رواتب أربعة أشهر 200 ألف دولار + سكن ومواصلات وتذاكر بما يقارب خمسين ألف دولار + رواتب متبقية لـ32 شهراً مليون و600 ألف دولار (يجبر النادي بسدادها لتوقيع المخالصة) وهنا تكون خسائر النادي الإجمالية = 6850000 - ستة ملايين وثمانمائة وخمسون ألف دولار -.
وبتطبيق المقترح:
بعد التأكد من حالة عدم استفادة نادي (الهدف) من اللاعب (كارلوس) يقوم النادي بتوثيق إقرار مشترك (نادي الهدف واللاعب كارلوس ولجنة الاحتراف) بأن يحذف النادي اللاعب كارلوس من القائمة الرسمية ويبقى عقده قائماً.. ويرفق بالإقرار مبلغ (مليون وستمائة ألف دولار بشيك مصدق) تودعه اللجنة بصندوق ضمان الحقوق المالية)، وإقرار بتفويض اللجنة بإيداع الراتب الشهري «خمسون ألفاً» بحساب اللاعب كارلوس شهرياً (ما لم ترد ملاحظات حسم) = مع ملاحظة أن هذا المبلغ سيدفعه النادي بكل الأحوال =
ومن ثم قام النادي بإتاحة الفرصة لكارلوس بأداء التمارين يومياً أو تم الاتفاق أيضاً خارجياً (وفق شروط) أو قام بعلاجه وتم تسويقه ووصل لنادي (الهدف) عرض من ناد خارجي أو محلي بقيمة ثلاثة ملايين دولار (نصيب نادي الهدف) وقام ببيع العقد، وهنا وفر النادي مبلغ ثلاثة ملايين دولار كان سيخسرها جراء الصفقة بفعل قرار لجنة الاحتراف إياه..!!
أما الاحتمالات الأخرى، فإن لم يتم البيع فقد ضمنت اللجنة حقوق اللاعب الشهرية (بصندوق الضمان) وقسّطتها على اللاعب شهرياً، وضمنت حقوق مخلّفات التركة للإدارة القادمة بالوفاء بالالتزام دون أي شكاوى أو مشاكل سواء محلية أو خارجية ..
أسوق هذا الاقتراح مجتهداً هادفاً للمصلحة الوطنية ..
والله ولي التوفيق.
* كاتب إعلامي - رئيس نادي الجبلين سابقاً