لأننا نعيش داخل إعلام تطغى عليه العاطفة، فقد انفض الحديث عن مشاركة الأخضر في دورة الخليج بسرعة هائلة، حيث غابت التشريحات الفنية والرؤى التي يمكن من خلالها تقديم ما يشفع بتقييم حقيقي لتجربة المنتخب في إحلال البدلاء للعب بدورة لها من الحساسية الشيء الكثير.
فالكارهون لبوسيرو لم يعجبهم وصوله للنهائي وظلوا يمارسون جلده بالنقد وتأكيد إفلاسه الفني بدعوى أن اللقب كان اقرب للسعودية من الكويت..!!
الداعمون لبوسيرو والمنتخب هللوا للوصول للنهائي لان الذهنية الإعلامية تخدرت عند حاجز إعلان المشاركة بالبدلاء فاصبح الفوز على اليمن بالبدلاء انتصارا مذهلا وبرهانا على نجاح الخطط..!!
بين النقيضين غاب صوت الحكمة النقدية ذلك أن المناخ النقدي في الإعلام السعودي اصبح للأطول لسانا والأكثر ثرثرة، فلا عجب أن ترى محللينا وهم يثرثرون بكلام عام ومكرر دون أدنى فهم لطبيعة التحليل أو عمقه الحقيقي لتثقيف المشاهد، فيما تعج الصحافة الورقية برص هائل من الكلمات المنطلقة من شخصنة الأحداث أو تعبئة المساحة بكلام غير مفهوم وساذج، بل غير مسؤول..!!
الأخضر الذي ينتظر استحقاقا قاريا قادما بحاجة ماسة إلى مساحة من الهدوء وبحاجة اكبر إلى مختصين يتحدثون عنه وعن أوضاعه وليس بحاجة إلى (بياعين كلام) ومرضى نفسيين يحاولون إفساد هوائه النقي وأجوائه الحالية الناضجة.ّ!!
الطامة الكبرى أن لدينا إعلاما قويا وشهيرا لكنه يفتقد التخصص ويسبح في الفوضى، فابن العشرين عاما - مثلا - يمكن أن يكتب صفحة كاملة لينتقد مدرب تجاوز الستين من عمره ولديه من التجارب والنجاحات الشيء الكثير هكذا دون مقدمات، بل تجد هذا الغلام لم يلعب كرة قدم في حياته وقس عليه بعض المراهقين في المطبوعات المختلفة..!!
إن على قيادات الإعلام المرئي والصحفي مسؤولية كبيرة ووطنية في الحفاظ على هيبة الأخضر ومكتسباته وأجوائه ومساندة قيادات هذا المنتخب وغيره من المنتخبات، عبر إعطاء صوت التخصص فرصة اكبر وتحجيم آراء المتطفلين على الإعلام وإنهاء عصر المجاملات للابد، خاصة أن فنون الإعلام وطرقه التحريرية ستتغير قسرا بعد أن داهمت التقنية كل أجواء العالم؛ الأمر الذي يحتاج إلى عناصر متخصصة في مجالات الكتابة اكثر من تخصص الثرثرة والشخصنة والرؤى النقدية العاطفية..!!
قبل الطبع
إنه من المخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه