|
الجزيرة - عبدالرحمن الدخيل :
عقدت الهيئة العامة للسياحة والآثار يوم أمس الأحد بقصر الثقافة بحي السفارات في الرياض لقاءها السنوي الذي يستعرض فيه تقرير أداء الهيئة العام الماضي ومشاريع العام الجديد، وكان ضيف اللقاء والمتحدث الرئيس صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة الذي قدم عرضاً لمشاريع وبرامج الشراكة بين المنطقة والهيئة في مجالات السياحة والتراث, وما حققته التنمية السياحية في منطقة القصيم من منجزات متعددة. حيث أعرب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم في بداية كلمته عن تقديره للأدوار التي تقوم بها الهيئة العامة للسياحة والآثار في تأسيس قطاع تنموي متطور, مؤكدا على أن للهيئة دورا مؤثرا في قيادة التنمية السياحية الشاملة وذلك من خلال ما تراكم لديها من خبرات ومعارف ستسهل من مهمة التنمية السياحية في المناطق.
وأشار إلى أن التنمية السياحية الشاملة لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا من خلال مساهمة فعالة من القطاعين العام والخاص ودور رئيسي للمجتمعات المحلية, مؤكدا على رغبة وقدرة منطقة القصيم المستمرة في أن تكون نقطة انطلاق لكثير من مبادرات التنيمة السياحية التي تهدف إلى تفيعل المجتمع المحلي وتمكين قدراته.
وتناول سموه في حديثه عن تجربة منطقة القصيم في التنمية السياحية ستة محاور رئيسية رسمت ملامح الشراكة التي أصبحت واقعا تلمس منطقة القصيم نتائجه اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياحيا هي: تجربة المنطقة في الفعاليات والمهرجانات, والتراث العمراني, والصناعات الحرفية, والاستثمار السياحي, وفرص العمل, والسياحة الريفية.
وناقش أمير القصيم تجربة المنطقة في الفعاليات والمهرجانات التي بدأت العام 1424 هـ ، ومن خلال تطوير كبير لهذه لصناعة امتد أكثر من سبع سنوات، وكان للهيئة العامة للسياحة والآثار دورا رئيسا في نجاحه، أصبحت القصيم مركزا لأكثر من 12 فعالية ومهرجان تقام سنويا في مدن ومحافظات المنطقة.
مبينا سموه في هذا الصدد أن معدلات الجريمة تنخفض في القصيم أثناء المواسم السياحية.
وأكد سموه أن مقومات نجاح هذه التجربة اعتمدت على أربعة ركائز أساسية هي الشراكة المنتجة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المحلي, واللا مركزية في التنفيذ, واستثمار مقومات المنطقة وبنيتها التحتية الممتازة, والاستثمار في العنصر البشري الوطني لبناء صناعة الفعاليات.
مشيرا إلى دور هيئة السياحة في دعم الفعاليات ماليا وفنيا والذي ساهم بشكل رئيسي في نضج هذه الصناعة ونجاحها, بالإضافة إلى إسهام الهيئة في تحويل صناعة الفعاليات من عمل تطوعي يعتمد على التجربة والخطأ الى عمل مؤسسي منظم يعتمد على الاحترافية، مضيفا أنه بهذا الجهد المشترك أصبح في القصيم 11 منظما للفعاليات من القطاع الخاص تم الترخيص لهم من قبل الهيئة وهم يمثلون العنصر الرئيس في تنظيم فعاليات القصيم ومهرجاناته».
وتطرق سموه لأحد أهم المهرجانات في المنطقة وهي مهرجانات وأسواق التمور والتي أسست لمفهوم جديد في صناعة الفعاليات يعتمد على استثمار منتج غذائي سياحيا، وجسدت مفهوم الشراكة الذي من خلال مساهمة أمانة المنطقة ووزارة الزراعة والقطاع الخاص في تنظيم المهرجان وفعالياته المصاحبة.
ونوه إلى أن مسيرة القصيم في صناعة الفعاليات شهدت مؤشرا اجتماعيا مهما لا يقل أهمية عن المؤشرات الاقتصادية السابقة تمثل في تغير ثقافة المجتمع وتقبلهم للسياحة كمنتج اقتصادي واجتماعي مهم.
وانتقل سموه للحديث عن مبادرة أخرى يقودها مجلس التنمية السياحية وتساهم فيها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وهي مبادرة التراث العمراني، حيث تحتضن القصيم أكثر من موقع للتراث العمراني تساهم الهيئة في تطويره من خلال شراكتها مع المنطقة. وقد كانت هذه الشراكة واقعا انتقل من مرحلة التخطيط والتنظير إلى التطبيق على أرض الواقع من خلال المشاريع الجارية الآن في كل من بلدة الخبراء التراثية وبلدة المذنب التراثية، كما تجسدت الشراكة في المجتمع المحلي للبلدتين من خلال تشغيل وتفعيل للموقعين مما ساهم في إحياء الموقعين وجعلهما مركزا للفعاليات وعرض المنتجات الحرفية. وسوف يشهد بداية هذا العام بدء المرحلة النهائية لتطوير البلدتين والتي يشرف عليه مجلس التنمية السياحية بالشراكة مع الهيئة ومع القطاع الحكومي، وهذه العمل المنظم سيساهم في استكمال منظومة التراث العمراني المتميز للقصيم.
وعرض سمو أمير القصيم لتجربة أخرى جسدت أيضا مفهوما للشراكة، وهي تجربة الصناعات الحرفية في القصيم. متناولا مبادرة المجتمع المحلي بتأسيس أول جمعية تعاونية نسائية تهتم بالحرف والصناعات اليدوية هي (جمعية حرفة)، والتي تقود عملا اجتماعيا اقتصاديا مهما ساهم بقوة في تحويل حياة كثير من الأسر محدودة الدخل الى أسر منتجة فاعلة في المجتمع, منوها الى شراكة الجمعية مع الهيئة من خلال برامج تطوير الحرفيات والأسر المنتجة والذي يقوده مشروع تطوير الحرف في الهيئة (مشروع بارع).
ثم تطرق سموه إلى تجربة المنطقة في تحفيز الاستثمار السياحي من خلال الإشراف على نظام الرقابة وضبط الجودة لمنشآت الإيواء السياحي التي تنفذه الهيئة، مشيرا إلى أن قطاع الإيواء السياحي شهد نموا نسبته 20% في العام 1431هـ.
وأبان سموه أن التنمية السياحية بالقصيم كان لها أثرها الاجتماعي والاقتصادي الهام من خلال فرص العمل التي وفرتها هذه التنمية وأبرزها توفير فعاليات ومهرجانات المنطقة لما يقارب 2500 فرصة عمل موسمية للرجال والنساء تتيحها المهرجانات سنويا، كما تبنى مجلس التنمية السياحية في أول اجتماعاته خطة مرحلية لتوطين وظائف القطاع السياحي تستهدف سعودة وظائف الاستقبال في الفنادق والشقق المفروشة وعددا من وظائف وكالات السفر والسياحة. و كان لشراكة المنطقة مع الهيئة وصندوق تنمية الموارد البشرية دور رئيس في إعداد وتنفيذ الخطة التي تستهدف توطين أكثر من 500 فرصة عمل.
واختتم سموه حديثه باستعراض تجربة السياحة الريفية بالقصيم والتي قال عنها: «نراهن عليها كثيرا لتكون رافدا مهما يضاف إلى نقاط الجذب التي تتمتع بها منطقة القصيم. وهذه التجربة بدأت من خلال عمل منظم بين الهيئة ووزارة الشئون البلدية والقروية ووزارة الزراعة لاستثمار عدد من مزارع القصيم وأريافها الجميلة لتكون منتجة سياحيا كما هي منتجة زراعيا. ولقد شهدنا قبل أشهر منح أول رخصة لتأسيس نزل ريفية في أحد المزارع بالمنطقة، كما أنه هناك عملا مكثفا لتطوير موقعين مهمين في بريدة وعنيزة لتكون مسارا جديدا للسياحة الريفية».
من جانبه أشاد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بما حققته منطقة القصيم من منجزات مميزة في المجال السياحي منوها إلى أهمية القصيم ومكانتها البارزة سياحيا وتراثيا.
ووصف تجربة القصيم السياحية بالتجربة الرائدة, منوها إلى أن عوامل أربعة أسهمت في تميز ونجاح تجربة القصيم السياحية تمثلت في القيادة المهتمة والداعمة, والقبول العام في المجتمع المحلي, والتعاون المميز من مؤسسات الدولة المنطوية تحت مسار محدد ومتعاون, والقطاع الاقتصادي الذي يستمر في السياحة ويستفيد من مقوماتها وفرص العمل التي توفرها.
وقال سموه في تقديمه لكلمة سمو أمير القصيم: إننا إذ نحتفي بكم يا سمو الأمير فإننا نحتفي أيضا بمرور 10 سنوات على تأسيس الهيئة هذه المؤسسة الحكومية التي قامت على منظومة من القيم التي استوحتها من قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين ومن سمو ولي عهده وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - والذين انطلقوا في استكمال بناء هذه الدولة على ما وضعه مؤسسها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه من بناء صرح لمنظومة من القيم قبل أن تكون منظومة إجراءات. وأضاف: والهيئة نعتز بالقيم الراسخة التي قامت عليها وبكونها إحدى المؤسسات التي تمكنت من العمل على مسارات متزامنة في وقت واحد, وتقوم بمهام متعددة على مستوى المناطق وفي مجالات واختصاصات وقطاعات مختلفة, ونحن أكثر ما نعتز به هو أننا بدأنا من الصفر وقمنا بتحديد أهداف واضحة, والهيئة منذ ثاني اجتماع لها برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز عندما كان حينها رئيسا لمجس الإدارة قدمت مشروعا للشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص وكان ذلك طوق النجاة لقطاع السياحة الوطنية والمحفز الأول والوسيلة الأكثر فاعلية ونجاحا للعمل على تنفيذها. وأشار الأمير سلطان إلى أن الهيئة وهي تحتفل بمرور 10 سنوات على تأسيسها تستحضر البدايات الصعبة لقيامها حيث بدأت العمل في قطاع يعاني من تشتت الأنظمة وتعدد الاختصاصات والصلاحيات, وفي مجتمع كان يعاني من الشك في السياحة ومقوماتها ونجاحها والتخوف منها كنشاط اقتصادي واجتماعي, وواجهت الهيئة ذلك بالعمل بهدوء في بناء علاقات مميزة وتركيز الجهد لإيجاد تحول إيجابي نحو السياحة وقبولها بشكل كامل وهذا والحمد لله ما نجحت الهيئة فيه.
وأضاف: «السياحة الوطنية أصبحت واقعاً ملموساً بعد أن تحقق لها القبول الكامل لدى كافة المواطنين في جميع المناطق دون استثناء، و ما صحب ذلك من تفاعل اجتماعي ومطالب متزايدة وضغطاً لتوفير الخدمات و البرامج السياحية في كافة المناطق والمحافظات، وما تم إنجازه من تأسيس البنية التحتية لانطلاقة السياحة الوطنية في ظل الشراكة الكاملة من قبل جميع المؤسسات الحكومية والمناطق و القطاع الخاص، و هو الذي أدى إلى ترسخ قناعة المواطنين بجدوى قيام هذا القطاع المهم نظراً لما لمسوه من فوائد مباشرة في الجوانب الاقتصادية و التعريفية بمكتسبات هذا الوطن وحضارته، وجعل الهيئة تجد نفسها مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتحقيق تطلعات المواطنين و إقبالهم الكبير، آملاً أن تمكن الهيئة و قطاع السياحة الوطني بالقرارات والميزانيات اللازمة للوفاء بهذا الدور». وزاد سموه: وقد وجهني سيدي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بالتركيز على السياحة الوطنية بالكامل لأننا متى ما حدينا من التسرب المالي الكبير الموجه للسياحة الخارجية واستثمرنا هذا النشاط الاقتصادي الكبير لمصلحة الوطن والمواطن فنحن الكاسبون, لذلك فنحن نوجه كل أنشطتنا للسائح المحلي الذي نعمل على توفير التجربة السياحية المتكاملة له, وتشجيعه للسفر داخل بلاده والتعرف على جمال وطنه, بالإضافة إلى تحفيزه لجانب آخر مهم وهو المحافظة على تراثه والاعتزاز به والاستفادة منه وهذا ما عملنا عليه من خلال عدد من البرامج هذا العام والتي كان آخرها برنامج (ثمين) تحت شعار من الاندثار إلى الاستثمار. وأكد الأمير سلطان على أن الهيئة ووفقا لمنهجها التي سارت عليه بتحويل التنمية السياحية من الإدارة المركزية إلى إدارة المناطق فإنها خلال السنوات الثلاث القادمة بصدد الانتقال إلى إدارة السياحة الوطنية بشكل كامل من المناطق, مجددا سموه التأكيد على أن السياحة متى ما تم احتضانها بشكل كامل من الدولة ودعمها من المستثمرين فإنها ستكون المولد الأول لفرص العمل وليست فقط من القطاعات الثلاثة الأولى في توفير فرص العمل, «لأن السياحة كما أشرت في أكثر من مناسبة هي بخلاف القطاعات الأخرى لا تجبر المواطن على الانتقال إلى موقع آخر للحصول على فرص العمل بل إن السياحة تذهب بفرص العمل إلى جميع المناطق والمواقع وتتوفر لدى جميع فئات المواطنين بمختلف مؤهلاتهم وأعمارهم».
وقد حضر اللقاء سنوي وعدد من أصحاب السمو أعضاء مجالس التنية السياحية ومعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة وعدد من المحافظين ووكلاء الأمارات والشخصيات المكرمة في اللقاء السنوي للهيئة.
تكريم الجهات الحكومية المتميزة في تعاونها لتحقيق التنمية السياحية وقد كرم الأمير سلطان بن سلمان الأمير فيصل بن بندر بهدية تذكارية من الهيئة تقديرا لسموه.
وجرى في اللقاء تكريم الجهات الحكومية التي تميزت في شراكتها مع الهيئة وكذلك بعض أصحاب المبادرات الفردية في مجالي السياحة و الآثار، حيث تم تكريم كل من: وزارة الثقافة والإعلام، وزارة الخدمة المدنية، الهيئة الملكية للجبيل و ينبع، الإدارة العامة للدفاع المدني، محافظة الطائف، إمارة منطقة عسير (ممثلة في سعادة الوكيل)، جامعة حائل، أمانة منطقة القصيم، أمانة المنطقة الشرقية، أمانة منطقة نجران، مركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية، الغرفة التجارية الصناعية بالأحساء من الجهات الحكومية، اضافة الى محافظة عنيزة ومحافظة المجمعه ومحافظة فرسان ومحافظة شقراء ومحافظة النعيرية وشركة أرامكو من المجتمع المحلي، وكذلك سمو الأمير عبدالله بن سعود رئيس اللجنة الاستشارية لمنظمي الرحلات السياحية رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية الصناعية بمحافظة جدة رئيس مجس ادارة مجموعة الاحلام السياحية، مجموعة سامبا المالية، شركة الاتصالات السعودية، شركة موبايلي، الخطوط الجوية العربية السعودية، مجموعة عبدالمحسن الحكير من الشركات الوطنية كما تم تكرم أصحاب المبادرات الفردية وهم الدكتور/ ناصر بن إبراهيم الرشيد، الشيخ/ فراج بن شاكر العسبلي، رفعت مدحت شيخ الأرض.