رَفْعُ الراية البيضاء الأمريكية أمام التجاوز الإسرائيلي والإصرار على ارتكاب مخالفة المواثيق الشرعية بمواصلة الاستيطان الاستعماري في أراضٍ محتلة يجعل النظر إلى المشاريع الأمريكية القادمة ذات العلاقة بجهود السلام في المنطقة العربية نظرة شك، وبخاصة من المعنيين بالأمر، وهم الفلسطينيون، الذين ظنوا أن تَصْدُق الإدارة الأمريكية وتحقق وعودها بتحقيق حل الدولتين، وقبلوا على مضض بعمليات التسويف التي كانت الحكومة الإسرائيلية تمارسها على معرفة ومتابعة من الإدارة الأمريكية، التي ظلت تتفرج على ما تقوم به حكومة نتنياهو من عراقيل، وظلت الإدارة الأمريكية تعطي إبر منشطات وقتية لوقف الاستيطان مصحوبة بإغراءات للجانب الذي يخرق القوانين الدولية، فيما أصرت أمريكا على احتكار جهود التسوية لنفسها، وهمشت دور الرباعية بما فيها حلفاؤها الأوروبيون والأمم المتحدة والاتحاد الروسي.
طوال المفاوضات غير المباشرة، وبعدها فترة المفاوضات المباشرة، لم تضطلع الإدارة الأمريكية بدور نشط يُفعِّل على الأقل مقترحات الرئيس أوباما، وعطلت الحل عاماً كاملاً أو أكثر، استغلته حكومة نتنياهو لفرض واقع احتلالي وتهويدي في القدس والأرض المحتلة، والآن تقدم السيدة كلينتون مساراً جديداً، وكالعادة فإن المناشدة موجهة للفلسطينيين والإسرائيليين معاً؛ لدعم جهود الإدارة الأمريكية لتحقيق السلام، وكأن الفلسطينيين مشاركون في التخريب الذي تمارسه حكومة نتنياهو بمواصلتها عمليات الاستيطان!!
تأجيل آخر لاستحقاقات مشروعة يعطلها الإسرائيليون ويجاريهم الأمريكيون في ذلك، بل يمنحونهم الغطاء والحماية، وإلا فقرار إنشاء الدولتين الفلسطينية والعبرية متخذ منذ عام 1948 في القرار الدولي 194، الذي نص على إنشاء دولة فلسطينية على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء النقب والقدس الشرقية، ودولة عبرية على القدس الغربية والساحل وما كان تحت سيطرة اليهود.
عودوا إلى ذلك القرار، وأعطوا الفلسطينيين ما تبقى مما مُنح لليهود وفق ذلك القرار، ولتكن الإدارة الأمريكية صادقة في وعودها فتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي أعطى الشرعية لإسرائيل، التي بعدم تنفيذها القرارات الدولية لا تستحق أن تتمتع بهذه الشرعية.
JAZPING: 9999