ما بين عام وعام يتحمّس بعض أعضاء مجلس الشورى، ليطالب بالتخلُّص من المعلمين تحت وطأة التقييم، ولا أدري ما الفرق بين المعلمين وبقية الموظفين ؟ ولماذا لا يطالب هؤلاء بالتخلُّص من الموظفين غير المؤهّلين ؟ أو لماذا لا يطالبون بتنحية من يقدم مصالحه الشخصية على حساب المجتمع؟
في لغة المطالبة تحضر الكلمات المميّزة تجاه المدارس الأهلية، ولاحظوا ذلك جيداً، حيث ورد في الصحف توصية تقول بضرورة «دراسة محايدة للتعليم الأهلي والأجنبي»، بينما يقابل ذلك (تقييم المعلمين وتحويل «غير المؤهلين» لوظائف حكومية).
لماذا لا تكون التوصية بالنّص على إلغاء تراخيص المدارس الأهلية المخادعة أو التي تجلب المدرسين غير المؤهّلين أو تلك التي لا توظّف السعوديين، أو تلك التي تسمح بعدم انضباط قاعات الاختبارات؟
والكلام ما يزال معسولاً تجاه المدارس الخاصة، ولا أشم أي رائحة تجاه التعليم الأهلي، ولكن أشم رائحة اللغة التي يقابل بها المعلمون، غير المؤهّلين، وتحويلهم لوظائف حكومية أخرى!
لا بأس لو كان الحديث عن المعلمين بأسلوب غير محدد، إذا كان البعض يبحث عن تمهين المعلمين ويبث أخبار ذلك في الصحف، وبأسلوب يشكل طابعاً غير مناسب عن المعلمين ومكانتهم، فالأفضل أن يكون الحديث خاصاً وبعيداً عن التقليل من شأن المعلمين أو الأفضل أن يطالب هؤلاء الأعضاء بضبط حال جميع الموظفين في الدوائر الحكومية وتقديم دراسات محايدة، من أجل تسليم مهام الدوائر الحكومية لمن يقدّر مكانة هذا الوطن الغالي.
أتمنى فعلاً أن تتغيّر نظرة الناس للمعلمين، وأن ينتهي مسلسل المطالبات التي لا تصاغ بأسلوب يحترم مكانة المعلمين، لا أنكر بأنّ بعض المعلمين بحاجة إلى من يقيّمهم ومن يأخذ بأيديهم، ولكن يجب أن يعلم الجميع بأنّ المعلمين بحاجة إلى من يقدم لهم طعاماً مهنياً متكاملاً، وإذا كانت الدول المتقدمة سبقت لتقييم المعلمين، فإنها لم تقصّر في مجال تأهيلهم ولا في مجال تدريبهم ولم نسمع عن تقليل رواتبهم سنة واحدة.
الشركات التربوية المساهمة حتى الآن لم تر النور، وهذا مقترح يمكن أن يقدم لمجلس الشورى، لإنقاذ وضع التعليم الأهلي ولدعم كل ما يمكن أن يأتي بالمستقبل، بحيث يصبح قرار التعليم الأهلي جماعياً ويمثل المجتمع المساهم.
الحديث طويل حول لغة الاقتراحات تجاه المعلمين والمعلمات، وحول لغة التعامل مع أزماتهم ومتطلّباتهم، ولعل مشاركة المعلمين في مجالسهم الاستشارية ونواديهم المنتظرة، تشارك في صنع لغة محترمة متبادلة ما بين المجتمع والمعلمين، بحيث يدرك الجميع ما هي ذنوب المعلمين الحقيقية وما هي النواقص التي تدور حولهم، فالحكم لا يتم إلاّ بعد التدريب والمراقبة والتعليم، فما هي العلوم التي قدّمت للمعلمين غير المؤهّلين ؟!
تقويم المعلمين قبل تقييمهم مطلب.. تبدأ عودة المعلمين وتنتهي ولم تفلح تلك الأوقات المهدرة بإعادة تأهيل المعلمين، وهنا ترفع الأصابع تجاه من يملك تأهيلهم « التدريب التربوي، التعليم العالي».
نحن بحاجة إلى توصية محترمة تعنى بتقويم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والكليات، وكل الموظفين في الدوائر الحكومية، كما نحن بحاجة إلى هيئة لتقويم المعلمين والمعلمات فمن يقدّم التوصية بحيادة تامة؟!