كتب - عبدالعزيز المتعب :
المواقف التاريخية الكبيرة لها رجالها الكبار دائماً، وبئر هداج التي تقع في منطقة تبوك في (محافظة تيماء) هي أقدم بئر بعد زمزم وقد وثّقها التاريخ للحضارات المتتابعة، والأزمان المتلاحقة، في صفحاته في الشعر الفصيح، والشعبي ولطالما شبهوا الشعراء الرجل الكريم (بهدّاج)، وفي بادرة ليست بغريبة من رجل المواقف الكبيرة دائماً سيدي صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك أطال الله عمره وأدام عزه أمر وعلى نفقته الخاصة بعمل كل ما يلزم من اهتمامات كبيرة مادية تعيد إلى هذا المعلم التاريخي مكانته التي أصبح عليها الآن، بمتابعة دقيقة من لدن سموه الكريم وأمر بإطلاق مسمى مشروع جلالة الملك سعود لترميم بئر هداج، وقد تحدث عن تاريخ هذا البئر الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في كتابه في شمال غرب الجزيرة كما تحدث عنه ياقوت الحموي وغيرهما ومن كبار الشعراء الشعبيين الذين ورد اسم هداج في قصائدهم الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن في مرثيته لوالده رحمه الله:
(هداج تيماء).. وإن زما الضد لطَّام
ولاجا اللزوم الصعب يقضيه زيزوم
كلٍ يشيله بالعمر.. دم وعظام
وانته تشيلك عزة النفس.. والزوم
وما كل نصلٍ من ورى غمده حسام
وش عاد لو هو بأفخر الدر موسوم
وقال الأمير الشاعر محمد بن أحمد السديري رحمه الله في قصيدة شهيرة:
وعينٍ عسى المولى يعجل فرجها
يفوح ناظرها كما عين (هدّاج)
استرسلت للدمع ممّا رهجها
غيظٍ يكض اعبارها مثل الأمواج
كم واحدٍ له غايةٍ ماهرجها
يكنّها لو هو للأدنين محتاج
يخاف من عوجاً طوالٍ عوجها
هرجة قفا.. يركض بها كل هرَّاج
يقضب عليك المخطيه من حججها
حلو النباه وقلبه أسود من الصاج
وقد شاركنا الأستاذ محمد بن حمد النجم مدير مكتب الآثار بتيماء مضيفاً: إن لمشروع ترميم بئر هداج كأحد المعالم الأثرية والتاريخية أهدافاً سامية يمكن إيجازها على النحو التالي:
أولاً: هدف وطني: تحظى المعالم التاريخية باهتمام بالغ من الدولة أعزها الله فهي دوماً تهدف إلى الحفاظ على معالم هذا الوطن قديمها وحديثها وإبرازها للعالم بالشكل اللائق.
ثانياً: هدف ثقافي: لأنه معلم مهم وذو دور كبير في حياة تيماء وله تأثيره المباشر في تكوين حرفة سكانها وهو ما يتدخل في نمطية حياتهم وإبداعاتهم فإن للمشروع هدفاً ثقافياً في إحيائه. وهو بالإضافة إلى ما يمثله للسكان محلياً فهو سيعود لأهلها بثقافة جديدة إذ إنه سيكون جاذباً للسواح الذين سيكون لتواجدهم بين أبناء تيماء تبادل للثقافات وإثراء للمعلومات فيما يتعلق ب(هداج) كمعلم من حضارات ما قبل الإسلام وبالتالي سيكون رافدا علميا وثقافيا. وأضاف الأستاذ محمد النجم: أيضاً هناك هدف أثري وهدف سياحي.
وحول بعض خطوات التطوير المتلاحقة التي تمت في المشروع أشار إلى ما فحواه إزالة العناصر المستحدثة حول البئر، أعمال جدران البئر، الأعمال في ساحة البئر، وأعمال الدلي، وأعمال الأمجار، أعمال المحال والدراج، أعمال القنوات المائية، وأعمال الربيعات «المقاعد» الأعمال الكهربائية «الإضاءة»، أعمال الزراعة والنخيل، اللوحات الاستدلالية، أعمال الوقاية.