تزوجت حديثاً ممن رغبت بالزواج منها وقد تم الحمل بالرغم من الاتفاق على تأخيره وبعد الحمل توترت العلاقة بيننا وقل اهتمامها بي على كافة الأصعدة وأصبحت تتصرف بمزاجية وحتى العلاقة العاطفية أهملتني وامتد عدم الاهتمام بأكلي وإذا ما ناقشتها قالت (احمد ربك غيرك ما يحصل) ورفعها لصوتها علي وأحياناً كثيرة تكذب علي وعندما أحاصرها تقول (خلاص أنا كذابة) وتنام أحياناً خارج غرفة النوم أو على الأرض عند مناقشتها في أمور البيت وذلك تعبيراً عن غضبها لأنني ناقشتها! علماً بأني أحياناً أتلفظ عليها بألفاظ قاسية وزوجتي الآن عند أهلها وقد خرجت دون إذني مرتين، وهي عند أهلها وقد حاولت تغييرها بإحضار بعض مقالاتك ولكنها ترفض القراءة! فماذا أفعل؟
ولك سائلي الفاضل الرد:
من قاصمات ظهر العلاقة الزوجية على نحو خاص اعتقاد كل شريك أنه على صواب دائماً وأن يحتكر الحق وأن ما يراه هو وحده الحق الذي لا يأتيه الباطل من يمينه أو شماله, وأن ما يفعله الشريك خطأ وما يعتقده هو الباطل الذي لا يأتيه الحق من خلفه أومن أمامه!! ومن ناسفات السعادة الزوجية الصورة المهزوزة عن الشريك والميل لسوء الظن في تصرفاته وحملها على المحمل الأسوأ وضعف التوقعات عنه فمرد تصرفاتها عندك منبعه عدم احترامها لك وزهدها فيك وأظن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة وهذا ما جعلك تعيش في دوامة وحيرة أقضت مضجعك ووترت علاقتك مع حبيبتك التي كنت تتمناها ثم أنعم الله عليك بالزواج منها وأنىّ للحب أن يزور وللورد أن يزهر وتلك الأفكار قد احتلت وعيك ولست مضطراً للتأكيد على حجم الخسائر المعنوية التي ستتكبدها حال حدث انفصال بينكما لا سمح الله
ما كنت أَدري قَبلَ عَزَّةَ ما البُكا
وَلا مُوجِعاتِ القَلبِ حَتَّى تَوَلَّتِ!
وقد أكد المتخصصون على أن عنق الزجاجة والمرحلة الأخطر في الحياة الزوجية هي الأشهر الأولى من الزواج وهي المرحلة التي تمر بها الآن أنت وزوجتك وأحسب أن لديكما من العقل والحب ما تستطيعان أن تتجاوزا تلك المنعطفات، برأيي أن موضوع (حمل زوجتك) هو من أشعل فتيل الأزمة وأزم نفسيتك وأثر على مزاجك وكدره، وأجدني مندهشاً من موقفك المتصلب من الأمر مع تفهمي لرغبتك في تأجيله لبعض الوقت أما وقد حصل الحمل بإرادة الله فكان من المفترض أن يفرحك الخبر، فالذرية هدية لا تقدر بثمن ولا يكافئها شيء وخبر الحمل خبر يسر ولا يحزن ويقبل ويحتفى به ولا يرد ويرفض، وهل ترد الهدايا الثمينة ويضيق الصدر بها ؟! وهل هناك ما هو أثمن من أن يهبك الله ذرية بلا جهد ولا عناء؟ نعمة عظيمة ومنحة جليلة ينشرح الخاطر لها ومن أجلها نصبر ونتحمل ونضحي أوما ذكرته من ملاحظات أحسب أنها تقع في إطار وحدود الطبيعي ودعنا نقرأ سوياً بعض تلك الملاحظات ونفكر بصوت عالٍ.
قلت (قلّ الاهتمام بي بسبب الحمل ومبررها الوحم ولكن الحال بقي لما بعد الوحم)
أخي العزيز بالنسبة للوحم وأثاره فالدراسات تبين أن فترة الوحم تكون غالباً في الأشهر الثلاثة الأولى, وهناك حالات تستمر معها فترة الوحم وأقصد تحديداً (البعد عن الزوج) حتى الأيام الأولى من الولادة, فكيف تطالبها بما لا تملك معه حيلة ولا إرادة!
أيها العزيز إن أعظم ما تحبه المرأة في الرجل وتقدره فيه هي إحساسه بها وتعاطفه معها أثناء الأزمات فهو اختبار حقيقي لمدى حبه لها.
قلت (إن الاهتمام بأكلي يشوبه بعض عدم الاهتمام وعند مناقشتها كان الجواب الذي يتكرر (احمد ربك) وذكرت أنها أحياناً ترفع الصوت) وأقول إن هذا أمر طبيعي وإفراز متوقع للحالة التي هي عليها وأهمس في أذنك أيها الحبيب بأن لا تكن متطلباً مزعجاً ذا مقاييس عالية وشروطاً صعبة في بيتك فلا تحملها المسكينة ما لا تطيق هذا في الأحوال الطبيعية ما بالك في وضعها الحالي! أما رفع الصوت فلست بدعاً من باقي الأزواج فحبيبك محمد اللهم صلي وسلم راجعوه أمهاتنا في النفقة وعمر رضي الله عنه كانت زوجته تستطيل عليه برفع صوتها وهو الخليفة ومن أقوى الرجال شخصية ومع هذا استوعب الأمر وتعامل مع هذا الطبع بهدوء وحكمة كما أذكرك أن الفضلاء أمثالك يتعاملون بلطف وحنان ورقي وليس من الحكمة أن تعاملها وترد عليها التصرف وأنت تدرك أنها تمر في مرحلة صعبة في حياتها وأنت بهذه التصرفات تسحب كثيراً من رصيدك في بنك الحب، والعلاقة الزوجية أسمى والتعامل معها لا يكون بتلك البساطة والسطحية.
قلت (إنها (تكذب) أحيانا وعند مواجهتها وإثبات ذلك تقول (خلاص أنا كذابة)
أخي الحبيب هناك معارك في الحياة الزوجية النصر فيها خسارة فلا معنى أن تطاردها عندما تزل وتحاصرها حتى تجعلها في مربع الدفاع عن نفسها فمن المتوقع عندها أن ترد عليك بقولها: (نعم أنا كذابة) إذا ضيقت الخناق عليها ! أيها العزيز هناك أساليب راقية ومتحضرة تمكننا من بيان الصواب للآخرين مع حفظ كرامتهم ودون إراقة ماء الوجه ودون أن نحرجهم وننال من كرامتهم, وهناك أمور تعد من الصغائر من الحكمة والذكاء التغافل عنها وكأننا لم نرها في الأساس
لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ
لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي
والإنسان الناضج وجدانياً هو ذلك الإنسان القادر على كبح جماح تصرفاته والمسيطر على انفعالاته فالهدوء والأناة ستعصم لسانك من الزلل وجوارحك من الظلم والاعتداء ومعها ستكون لك هيبة ومكانة فالكبار لا ينهارون والعظماء لا يتهورون والعقلاء لا يظلمون ولا يحورون.
ما أزعجني منها هو خروجها من المنزل دون إذنك وهنا أهمس في إذن الزوجات وأقول إن العلاقة الزوجية ميثاق غليظ ورباط مقدس ومكانة الزوج أعظم من مكانة غيره بعد الزواج ولقد وقفت على حالات كثيرة تصرفت فيها الزوجة باندفاع وعجلة وتفاعل الأهل مع ابنتهم بعاطفة غير منضبطة وكانت النتيجة طلاق الكل فيه خاسر!! ومن التصرفات السيئة أن تخرج الزوجة من بيت زوجها عند حدوث أدنى مشكلة لذا أنصحك بأن تتحدث معها حديث حازم بأنك لا ترضى بهذا الأمر وأن الخلافات تحل والأزمات يسيطر عليها دخل بيت الزوجية كما أنصح أهل الزوجة وخاصة الأخوة أن يتعقلوا ولا يندفعوا ولا يتدخلوا إلا في أضيق الحالات وأصعبها أما التجاوب مع أي طلب للأخت أو الابنة فهذا في ضد مصلحتها وأنا أجزم أن الأهل أول من سيضيقُ بها إذا عادت إليهم!
لفت نظري طريقتك وفقك الله وحرصك على نصيحة الزوجة وهذا عمل محمود وكونك تقدم لها مقالات (أخيك) وتطالبها بالقراءة فأقول أيها العزيز القصد القصد تبلغ فتغيير الآخرين لا يأتي عن طريق الإلزام ولا عن طريق النصح والوعظ المباشر أو الاستعجال في إحداث تغيير ففي تلك الحالات غالباً ما تبنى جدر مقاومة عندهم وتفشل المحاولات لإحداث تغيير فيهم وأسهل محاولة لتغيير الآخرين أن نكون نحن قدوة صالحة وأن نتحلى بالأخلاقيات التي نريدهم أن يتحلوا بها وأن نقدم لها حباً غير مشروط!
وأخيراً أوصيك بالصبر وأحثك على أن تمتطي صهوته فهو خير معين له وكذلك أوصيك بالعلم وبالمزيد من الاطلاع على أسرار الأنثى وتركيبتها النفسية وكذلك الكف عن التلفظ بساقط القول فهو يجرح أكثر من جرح السكين وجروحه ربما يطول وقت اندمالها وربما لا تشفى أبداً..
جراحات الطعان لها التئام
ولا يلتام ما جرح اللسان
غير أنت من طريقتك معها فنفسيتك أكثر استقرار وظروفك العامة لاشك أكثر راحة، وتروى ولا تندفع واصبر فإن الله مع الصابرين وكلها أيام قليلة وأشهر معدودة وينتهي الأمر على خير بإذن الله
أَتَيأَسُ أَن تَرى فَرَجاً
فَأَينَ اللَهُ وَالقَدَرُ
وفقك الله ويسر أمرك.
شعاع:
التقى قنفذان في ليلة باردة، فتقاربا وتباعدا، وتقاربا وتباعدا، حتى وصلا إلى أكبر قدر من الدفء، بأقل قدر من الألم.. تلك معادلة الحياة الزوجية.