إن المطلع على الكثير من الحالات المرضية التي تعالج في الخارج ليصاب بالدهشة من حجم الإنفاق الحكومي على حالات ليست معقدة أو صعبة العلاج بل إن العلاج موجود داخل المملكة وبعض الحالات أصلاً لا يمكن علاجها وإنما هي حالات نقاهة وعلاج طبيعي.
ولكن ماهي المشكلة ولماذا يحصل مثل ذلك وكأننا نقول للعالم ليس لدينا عناية طبية متطورة كما ندعي.
السبب في رأيي أن الكثير من المستشفيات الحكومية تعالج شريحة معينة من المجتمع لذا يلجأ القسم الأكبر لطلب العلاج في الخارج كذلك لعدم توفر العلاج في القطاع الحكومي المتاح أو لتعقيد فتح الملف أو الاضطرار للانتظار لوقت طويل للحصول على الخدمة الطبية بسبب ضيق الموارد أو لقلة الكادر الطبي المعالج، ولكن لماذا لا يذهب هؤلاء المرضى للقطاع الخاص المحلي رغم وجود الخدمات المطلوبة وجودتها؟! فإن كان ولا بد من تحويل المريض إلى الخارج فهل يمكّن القطاع الخاص من هذه الخدمة في حال توفرها لديه ويكون على حساب الجهة المحولة مما يخفف من التكاليف الباهظة التي ترهق الدولة لعلاج أمراض متاح علاجها في الداخل وبكفاءة عالية، وهذا أيضاً يخفف من التكاليف المرافقة لعلاج مريض، مثل تذاكر السفر والسكن وتكاليف المرافقين إضافة إلى إشغال السفارات السعودية في الخارج بأعباء لوجستية ترهقها عن مهمتها الأساسية وتكبدها أيضاً بعض التكاليف التي تؤثر سلباً على سير العمل مما يجعلها تضطر إلى أن تصرف بعض المبالغ من بنود أخرى أكثر أهمية للرعايا السعوديين المقيمين أصلاً في تلك البلدان وهذا واقع قد لمسته كثيراً هذا إذا افترضنا عدم حدوث مشاكل من مرافقي المرضى تجعل السفارات في حرج أكبر.
إن الاستفادة من القطاع الصحي الخاص لدينا والذي أثبت قوته وجدارته خاصة في المدن الرئيسية سوف يطلق العنان للقطاع الخاص للإبداع ودعم القطاع العام في علاج الحالات المعقدة التي يتحاشاها القطاع الخاص لعدم وجود نظام التحويل الداخلي للقطاع الخاص من القطاع العام وكذلك لعدم وجود جدوى اقتصادية لذلك لذات السبب ولعدم تطبيق السياحة العلاجية بسبب نظام التأشيرات المعقد. فدعم القطاع الطبي الخاص يجعل الاقتصاد الوطني متنوعاً وجذاباً.