انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة 13-12-1431هـ مدير تعليم البنات الأول في محافظة البكيرية الأستاذ عبدالعزيز بن محمد بن حمد المزيني والذي خدم وطنه في مجال التعليم لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً حيث عمل معلماً في القريات ثم انتقل إلى إدارة تعليم الدمام ثم إلى وزارة المعارف، وبعد أن افتتح الشيخ صالح بن سليمان الخزيم رحمه الله معهد البكيرية العلمي عام 1386هـ عمل معه، وفي عام 1387هـ افتتح هو مندوبية تعليم البنات في البكيرية ولم يكن معه سوى سائق ومستخدم فأسس المدارس في المحافظة والمراكز التابعة لها، ولنا أن نتصور نظرة المجتمع لتعليم المرأة في ذلك الوقت ومن يدعو له لذا كان لزاماً عليه أن يواجه الجميع وبالفعل استطاع أن يتغلب على هذه العقبة وأن يطور التعليم حيث تم افتتاح المدارس والتواصل مع الجهات المختصة لحجز الأراضي وإقامة المنشآت لافتتاح المدارس بمراحلها المتنوعة حتى أصبحت المدارس كما هي عليه الآن رمزا من رموز بلادنا الغالية.
استمر في عمله حتى أصبحت المندوبية إدارة تعليم عام 1416هـ فعمل مديرا لها إلى أن أحيل على التقاعد عام 1417هـ فتعاقدت معه إدارة تعليم البنات في محافظة عنيزة لعدة سنوات.
تميز رحمه الله بالإخلاص في عمله وحبه له حتى أنه كثيرا ما يذهب لعمله أيام عطلة نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية وأعرف أنه بعد ما تقاعد عن العمل كان لديه من الرصيد ثمانية عشر شهراً لم يستفد منها، ومن يعمل في مثل هذا المجال يجب عليه أن يتصف بالحزم والدقة في العمل فهو شاق وصاحبه مأجور بإذن الله.
أذكر أنه كان يحدثني -رحمه الله- عن بعض القصص التي واجهها في عمله والتي ربما لو حصلت لغيره لكان لزاماً عليه ترك العمل حتى أنه أصيب بأزمات قلبية والتي أدت إلى أنه اضطر إلى تركيب جهاز منظم وهذا بلا شك من الله سبحانه ولكن لطبيعة العمل وما يواجهه دور في ذلك.
عاصر جميع رؤساء تعليم البنات ومنسوبيها في مملكتنا الحبيبة فكان له علاقات قوية تربطه بهم حتى أن بعضهم حضر إلى مزرعته والتي عرف عنها بين أقاربه وأصدقائه أنها رمز للكرم والسخاء ناهيك عن أنه يجمع ثمار مزرعته من التمور ويوزعه في مكة.
كان رحمه الله من المشهود لهم بكثرة قراءة القرآن فقد كان يختم المصحف في أقل من أسبوع وله مصحفه الخاص، ومن الملازمين للمسجد والمنتظرين للصلاة بعد الصلاة والحاضرين صباحاً إلى صلاة الجمعة، أعرف أنه يأخذ مفتاحاً للمسجد وذلك لحضوره قبل الآذان وخروجه المتأخر من المسجد.
عرف عنه أنه من المداومين للحج والعمرة وكان يفضل أن يقضي رمضان في مكة حيث إنه يذهب بعد صلاة الظهر إلى الحرم المكي ويصلي فيه العصر والمغرب والعشاء والتراويح ثم يجلس حتى يصلي القيام وبعد ذلك يتجه إلى مسكنه لتناول وجبة السحور، كما أنه يقضي أيضاً أجازاته هناك، وبعد تقاعده كان يقضي في مكة العديد من الأشهر والأيام، أذكر أنه حينما توفي والدي رحمه الله في 23-7-1428هـ كان هناك فاتصلنا عليه وحضر سريعاً رحمهما الله.
كما عرف عنه أنه يجد راحته في الصيام فكان لا يترك صيام السنة أبداً حتى ولو كان مريضاً أو مسافرا أو حتى خارجاً للنزهة.
وفي مساء يوم الجمعة 13-12-1431هـ وحينما توضأ وجلس في مصلاه في مزرعته وافته المنية على سجادته فهنيئا له هذه الخاتمة، فقد كان الرجل المخلص في عمله، وأنموذجاً فريداً في الإدارة، ومحباً للخير، ويعمل بإنسانية حيث يدين له بالفضل بعد الله الكثير من الرجال والنساء وخصوصاً من تعاملوا معه، فرحمك الله يا أبا محمد وأسكنك الفردوس الأعلى كما كنت دائماً تدعو.
وقد حرصت قبل أشهر على كتابة سيرته مشافهة منه ولكن لم يحالفني الحظ حيث كنت أهدف إلى تقديمها إلى مجلس أعيان محافظتنا الوفية ليتم تكريمه ضمن حفل الوفاء السنوي والذي يتم برعاية من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم حفظه الله.
مسلم بن محمد المزيني -مدير الثانوية العامة بمحافظة البكيرية