فاصلة:
(الخطر الذي نستشعره، ولكن دون أن نراه، هو الذي يقلقنا)
حكمة لاتينية بالأمس يفترض أن أعضاء مجلس الشورى صوتوا على عدد من التوصيات التي قدمتها لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بالمجلس ثم عدد من التوصيات الإضافية المقدمة من بعض الأعضاء، ومنها توصية للعضو أحمد الزيلعي بإلزام خطباء الجمع بالبعد عن الخطاب السياسي إلا ما يتعلق بسياسة المملكة، والتركيز على الوعظ والإرشاد والترغيب والترهيب ومعالجة بعض المشكلات الاجتماعية.
أرجو أن تفوز هذه التوصية بعدد كبير من الأصوات، فهي مهمة جداً إذ إنه من الخطورة أن يحسب خطيب المسجد وإمامه أنه متمكن من فهم الأبعاد السياسية العميقة حتى يوظف خطبته في السياسة مستغلاً العاطفة الدينية المتأججة لدى جمهوره من المصلين.
طبعاً لا أنادي بفصل الدين عن السياسة ولكن من المهم البعد عن استغلال الدين لتحقيق أي هدف كان.
والعالم اليوم صار قرية صغيرة يحتاج الساكنون فيها إلى بعضهم البعض وفق قواعد وقوانين ليعيشوا في سلام على اعتبارات موحدة لا يتدخل فيها لون أو جنس أو لغة أو عقيدة، فالأساس هو الاحترام المتبادل لتحقيق المصالح المشتركة.
بعض خطباء المساجد لدينا تركوا المهمة الرئيسية التي من أجلها وجدوا في المسجد ليجعلوا من منبر الخطبة قناة إعلامية يمكنها أن توجه رسائل خطيرة للمتلقين الذين هم جمهور مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية.
ولأن المسجد من ضمن وسائط التربية، ولأن الخطباء لديهم القدرة على أسر الجمهور فأنا أستحلفهم بالله أن يتركوا العالم السياسي وصراعاته وأن يركزوا في تأهيل الرجال الذين يحضرون هذه الخطب ليوجهونهم نحو تفكير متوازن في تحمل مسؤولية بناء مجتمعهم واحترام المرأة حيث تقاس حضارة الشعوب بمقياس أحوال نسائها ولا يسعد شعب يمتهن النساء، فالذي يبني البلاد سواعد شباب ربتهم النساء على القيم الدينية والاجتماعية السليمة، وحين غيب المجتمع الإسلامي الحاضر حقيقة وأساس قيمه في التعامل مع المرأة فلم يعد يعطي للمرأة تقديرها واحترامها ويمنحها الثقة في بناء المجتمع كما زمن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام صار لدينا شباب نقلق على مستقبلهم.
فقط إن خصص خطباء المساجد خطبهم وحلقاتهم التعليمية لشرح تعامل الرسول الكريم وصحبه الكرام مع النساء لحظينا بأقوى حملة إعلامية لتوعية المجتمع بأهمية احترام المرأة وتقدير مشاركتها في بناء المجتمع، لكن من يسمع؟!