أقامت الجمعية الخيرية لرعاية وتأهيل المعاقين بمدينة بريدة حفل تدشين حملة الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز (الرئيس الفخري لمجلس الجمعية) عبر سطور صفحتنا الغراء أحب أن أفي لفئة غالية من المعاقين سمعياً، لنتفهم ظروف فقدهم لحاسة السمع التي تُعد من أهم الحواس.. فالنظرة القديمة عن الصم تغيّرت عندما فتحت المدارس التأهيلية لتلقي مختلف الوسائل: التعليمية، والعملية، والتربوية، والصحية تحت إشراف أساتذة ذوي كفاءة عالية، وخبرة طويلة في مختلف التخصصات التي يحتاجها الأصم لمساعدته على تخفيف صممه من استخدام: سماعة أذن، ومكبرات صوت، وأجهزة تدريب وشاشات عرض، فالصم هُيئت لهم مختلف الوسائل المجانبة التي تساعدهم على تخطي معاناتهم التي قد تحدث لهم من الصمم الذي لا يُعد إعاقة في نظري ونظر المقدرين لصممهم، لأن الإعاقة إعاقة العقل الذي ليس له بديل، إلا برجوعه إلى صاحبه.. فالعاقل يفكر وينتج ولا تمنعه إعاقته من الصمم، لأنه يستطيع بعقله وبقية حواسه وأعضائه التعامل مع الآخرين، ومنافستهم والتفوق عليهم في مختلف مناحي الحياة، ففيه عباقرة أفادوا الإنسانية في مختلف المناحي وهم فاقدون للسمع، بل أكثرهم تفوق على الكثيرين من الذين يتمتعون بمختلف الحواس، وبقت أفكارهم واختراعاتهم وقيادتهم تتحدث عنهم وعن عبقريتهم، لأن العبقرية ليست وقفاً على الذين يتكلمون ويسمعون، ولكن العبقرية تحصل لمن يتمتع بعقل وتفكير وإنتاج.
لذا أحب في مناسبة حفل تدشين حملة أمير منطقة القصيم ورعاية سموه وحضور سمو نائبه الذي أحسن المسؤولون في الجمعية وفي مقدمتهم رئيس مجلس إدارتها على إقامة الحفل الذي تفاعل فيه الحضور وتبرعوا تبرعات سخية أجزلها تبرع سمو أمير المنطقة، وشدني حضور عدد من الصم وتفاعلهم من خلال حركات الإشارة من مقدم برامج الحفل أن أكتب هذه التوصيات التي آمل أن يتبناها المسؤولون في الجمعية، والتي من أكثرها أهمية إلقاء محاضرات، وندوات، وحوارات يحضرها أولياء أمور وأقرباء الصم لمعرفة أسهل الوسائل في معاملتهم لمختلف مناحي حياتهم.. وفتح مختلف المجالات الوظيفية التي تناسب قدرات الصم في مختلف المؤسسات الحكومية والأهلية.. وعدم إشعار الصم بالرثاء والشفقة على أنهم فاقدون للسمع الذي يتمتع به الآخرون من أجل ألا تخيب آمالهم وطموحاتهم وتطلعاتهم، لأن الاعتماد عليهم وتكليفهم بأعمال تناسب قدراتهم من أسباب شعورهم أنهم قادرون وذوو كفاءة وعطاء واقتدار.. وعدم إرغام الصم بأداء أعمال لا توافق ميولهم وقُدراتهم وفائدتهم، لكي لا نوصلهم إلى خيبة الأمل، وإشعارهم بأنهم غير قادرين على أداء مثل هذه الأعمال التي تفوق قُدراتهم.. وضرورة تهيئة مختلف الوسائل المساعدة لإنتاج الصم في مختلف المجالات التي تناسب قُدراتهم لإشعارهم أنهم يشاركون الآخرين القادرين، وتشجيعهم على المحاولات المتكررة ليصلوا إلى ما يصبو إليه من إنتاج مستمر ومثمر.. وتفهم ميول الصم ورغباتهم دون إشعارهم بعدم قدرتهم لشدة إحساسهم المرهف، ولا نجاملهم في أداء أعمال لا يقدرون عليها وربما توصلهم إلى خيبة الأمل.. وتهيئة مختلف الأعمال التي تناسب قدراتهم وميولهم البدنية والأدبية والفنية.. وضرورة تقصي رغبة الصم دون إشعارهم، لكي لا يشعرون أنهم غير قادرين، وأن الآخرين يتفضّلون عليهم بالمساعدة التي قد تكون أحد أسباب تخطي صممهم.. وإشعار الصم أنهم قادرون على إثبات وجودهم، ومماثلتهم مع الآخرين الذين لا يتفوقون عليهم بشيء آخر..
كما نأمل من الصم «لا تنظروا إلى الخلف، وانظروا دائماً إلى الأمام الذي تجدون فيه المستقبل الزاهر المثمر، ولا تنظروا إلى الحياة أنها عابسة في وجوهكم، وانظروا إليها أنها باسمة لما فيه خير ينتظركم.. وأن تحرصوا على مشاركة الآخرين في البناء، ولا تنظروا إلى من يقلل من كفاءتكم وقدراتكم وإنتاجكم، لأن لكم عقولا تفكرون بها وتنتجون.. ولا تنظروا إلى شفقة الآخرين أنها قلة في عطاءكم وقدراتكم، وتحدوا الصمم بالصبر والتضحية، وواجهوا المصاعب والشدائد بفكركم.. ولا تجعلوا الصمم حجر عثرة في طريقكم، وأن الخطوة الأولى في سبيل العطاء تهون الشدائد، ولا تنظروا إلى علو الأسوار التي قد تكون عائقاً في طريق تفوقكم وأنه من الصعب اجتيازها، لأن الوصول إلى الأهداف النبيلة التي ينشدها أصحابها لم يصلوا إليها إلا بتخطي الصعاب، ولا تجعلوا في طريقكم سبيلاً إلى اليأس في مواجهة الحياة والتغلب على شدائدها في سبيل تحقيق الأهداف التي تتطلعون إلى الوصول إليها».
هذا ونأمل من سويداء قلوبنا أن يجد الصمّ ما يصبو إليه من نجاح وتفوق وعطاء في مختلف أوجه الحياة التي حصلت لغيرهم.
بريدة نادي القصيم الأدبي